معاوية، سلامٌ عليك... أما بعد: فإني
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «مَنِ الْتَمَسَ رِضَاءَ اللهِ
بِسَخَطِ النَّاسِ كَفَاهُ اللهُ مُؤْنَةَ النَّاسِ، وَمَنِ الْتَمَسَ رِضَا
النَّاسِ بِسَخَطِ اللهِ وَكَلَهُ اللهُ إِلَى النَّاسِ» ([1]) وَالسَّلاَمُ عَلَيْكَ - رواه أبو نعيمٍ في
الحلية، ورواه ابن حبان في صحيحه بلفظ: «مَنِ الْتَمَسَ رِضَا اللَّهِ بِسَخَطِ
النَّاسِ رَضي اللَّه عَنْهُ وَأَرْضَى عَنْهُ النَّاسَ، وَمَنِ الْتَمَسَ رِضَا
النَّاسِ بِسَخَطِ اللَّهِ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَسْخَطَ عَلَيْهِ النَّاسَ»
([2]).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وهذا من أعظم الفقه في الدين؛ فإن من أرضى الله بسخطهم كان قد اتقاه، وكان عبده الصالح والله يتولى الصالحين، والله كافٍ عبده. ﴿وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجۡعَل لَّهُۥ مَخۡرَجٗا ٢ وَيَرۡزُقۡهُ مِنۡ حَيۡثُ لَا يَحۡتَسِبُۚ﴾ [الطلاق: 2، 3]، والله يكفيه مؤنة الناس بلا ريبٍ، وأما كون الناس كلهم يرضون عنه فقد لا يحصل لكن يرضون عنه إذا سلموا من الأغراض وإذا تبين لهم العاقبة، ومن أرضى الناس بسخط الله لم يغنوا عنه من الله شيئًا «انتهى» ([3]). وهذا يشمل الراعي مع الرعية والرعية مع الراعي، والناس بعضهم مع بعضٍ أفرادًا وجماعاتٍ، ويشمل الولد مع والده، والوالد مع ولده، ويشمل الزوج مع زوجته، والزوجة مع زوجها، فلا يجوز لأحدٍ من هؤلاء طاعة المخلوق في معصية الخالق، ولا يجوز ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لإرضاء الخلق ومداهنتهم، ولا يجوز الحكم بغير ما أُنزِل لأجل رضى الخصم ورغبة السلطان أو رغبة الشعوب فمن أطاع الله جمع له بين
([1]) أخرجه: الترمذي رقم (2414)، وابن المبارك في « الزهد والرقائق » رقم (199)ـ
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد