القسم الثالث: المشتبه: وهو ما
يخفى حكمه على كثيرٍ من الناس، فلا يدرون: هل هو من قسم الحلال، أم من قسم الحرام؟
ولا يظهر حكمه إلا للراسخين في العلم، فيعرفون من أي القسمين هو.
وهذا مثل المسائل
المختلف فيها من بين أهل العلم نظرًا لاختلاف الأدلة فيها وحاجته إلى نظرٍ دقيقٍ،
ومثل اختلاط المال الحلال بالمال الحرام على وجهٍ لا يمكن التمييز بينهما، ومثل
اختلاط ملكه بملك غيره. واختلاط الميتة بالمذكاة من الحيوان، ومثل وجود شبهة تحريم
الرضاع فيمن يريد أن يتزوجها.
وموقف المسلم من هذا
القسم أن يتوقف عنه تورعًا حتى يتبين له حكمه تغليبًا لجانب التحريم وإيثارًا
للسلامة وبراءة الذمة، كما قال صلى الله عليه وسلم: «فَمَنِ اتَّقَى
الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ» ([1]) أي: طلب البراءة
لدينه من النقص ولعرضه من الذم.
والعرض: هو موضع
المدح والذم من الإنسان، فمن تجنب الأمور المشتبهة فقد حصَّن عرضه من الذم والعيب،
كما أنه قبل ذلك قد حصَّن دينه من النقص والخلل، وعلى الجاهل مع ذلك أن يسأل أهل
العلم عما اشتبه عليه، قال تعالى ﴿فَسَۡٔلُوٓاْ
أَهۡلَ ٱلذِّكۡرِ إِن كُنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ﴾ [النحل: 43].
فبسؤال أهل العلم يزول الجهل ويتضح الحق لمن أراده، وكما أن في اجتناب الشبهات وقايةً للدين والعرض، ففيه أيضًا حصول الحاجز بين الإنسان وبين الوقوع في الحرام؛ لأن من تورَّع عن المشتبهات كان متورعًا عن الحرام من باب أولى.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (52)، ومسلم رقم (1599).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد