وكان النبي صلى الله
عليه وسلم يرى التمرة ساقطةً في بيته أو في الطريق فلا يأكلها خشية أن تكون من
الصدقة؛ لأن الصدقة محرمةٌ عليه صلى الله عليه وسلم.
وقال لِسِبطه الحسنِ
بنِ عليٍّ رضي الله عنهما: «دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لاَ يَرِيبُكَ» ([1]).
ولهذا قال صلى الله
عليه وسلم في الذي يأتي الشبهات و«لا» ([2]) يتورع عنها مع
اشتباهها: «وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ» ([3]) إما لأنه حينئذٍ
يفقد الورع الذي يحجزه ويبعده عن الحرام، فإذا تجرأ على المشتبهات تجرأ على الحرام
بالتدريج، وإما لأنه لا يؤمن من أن يكون في تناوله للمشتبه وقع على القسم المحرم
منه، فيكون قد وقع في الحرام حقيقةً، وكل هذا لعدم مبالاته. وقد ضرب النبي صلى
الله عليه وسلم مثلاً شبَّه فيه هذا الذي لا يتورع عن الشبهات بالراعي الذي يرعى
دوابه حول حِمى حَمَاه أحد الملوك، فمنع من الرعي فيه؛ فإن الراعي إذا سمح لدوابه
أن ترعى قريبًا من حدود هذا الحمى فإنه لا يأمن أن تدخل في الحمى وترعى فيه
فيعاقبه الملك.
كذلك فإن الله سبحانه له حِمى منع الدخول فيه، وهو ما حرمه على عباده، فمن قارب حِمى الله بتناول المشتبهات وقع في حِمى المحرمات، وحلت عليه العقوبات، والله سبحانه حَمَى هذه المحرمات وسماها حدوده، فقال: ﴿تِلۡكَ حُدُودُ ٱللَّهِ فَلَا تَقۡرَبُوهَاۗ﴾ [البقرة: 187] أي: لا تقربوا المحرمات التي حرمها، وقال تعالى: ﴿وَلَا تَقۡرَبُواْ ٱلۡفَوَٰحِشَ مَا
([1]) أخرجه: النسائي رقم (5711)، والدارمي رقم (2532)، وأحمد رقم (1723).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد