×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الثالث

 الدرك الأسفل من النار، وكذلك من يقولها اليوم بلسانه وهو يدعو الموتى ويطوف بالأضرحة تقربًا إلى الأموات، ويطلب المدد من الأولياء والصالحين وينذر لقبورهم ويذبح لهم، فهذا لا تنفعه لا إله إلا الله؛ لأنه لم يعمل بمقتضاها وهو البراءة من الشرك والمشركين، وإخلاص العبادة لله رب العالمين؛ لأن معنى «لا إله إلا الله» ترك عبادة القبور وترك التقرب إلى الأموات، كما تُترك عبادة الأوثان من اللات والعزى ومناة، لا فرق بين عبادة الأصنام وعبادة القبور، هذا هو معنى لا إله إلا الله.

ولهذا لما قال النبي صلى الله عليه وسلم لكفار قريشٍ قولوا «لا إله إلا الله» قالوا: ﴿أَجَعَلَ ٱلۡأٓلِهَةَ إِلَٰهٗا وَٰحِدًاۖ إِنَّ هَٰذَا لَشَيۡءٌ عُجَابٞ [ص: 5] فالمشركون فهموا أن معنى لا إله إلا الله، ترك الشرك وإخلاص العبادة لله وحده. وهؤلاء القبوريون اليوم لا يفهمون هذا؛ ولهذا يجمعون بين الشرك والنطق بـ «لا إله إلا الله» وربما يفسرون «لا إله إلا الله» بأن معناها: الإقرار بأن الله هو الخالق الرازق، ويقولون إن من أقر بأن الله هو الخالق الرازق فقد حقق التوحيد وشهد أن «لا إله إلا الله». ولا مانع بعد ذلك عندهم أن يذبحوا للأموات ويُتقرَّب إليهم بأنواع العبادات. وكأن هؤلاء لم يعلموا أن المشركين الذين طلب منهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يقولوا «لا إله إلا الله» كانوا مُقرِّين بأن الله هو الخالق الرازق، كما قال الله عنهم: ﴿وَلَئِن سَأَلۡتَهُم مَّنۡ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡعَلِيمُ [الزخرف: 9]، وقال: ﴿قُلۡ مَن يَرۡزُقُكُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلۡأَرۡضِ أَمَّن يَمۡلِكُ ٱلسَّمۡعَ وَٱلۡأَبۡصَٰرَ وَمَن يُخۡرِجُ ٱلۡحَيَّ مِنَ ٱلۡمَيِّتِ وَيُخۡرِجُ ٱلۡمَيِّتَ مِنَ ٱلۡحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ ٱلۡأَمۡرَۚ فَسَيَقُولُونَ ٱللَّهُۚ فَقُلۡ أَفَلَا تَتَّقُونَ [يونس: 31].


الشرح