×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الثالث

وإنَّ هذا الفهم الخاطئ لمعنى «لا إله إلا الله» لو كان صادرًا من عوام لهان الأمر؛ لأن العوامَّ يمكن تعليمهم، ويمكن قبولهم للحق أكثر من غيرهم، ولكن المصيبة أن يكون هذا الفهم الخاطئ لمعنى «لا إله إلا الله» صادرًا من قومٍ يدَّعون العلم ويتصدرون للفتوى والتدريس. فهؤلاء يصعب تفهيمهم وإقناعهم لأن جهلهم مُرَكَّبٌ، والجاهل المركبُ هو الذي لا يدري. ولا يدري أنه لا يدري. وهو أبعد عن قبول الحق من الجاهل البسيط الذي يعترف بجهله، أولئك هم علماء الضلال الذين أهلكوا أنفسهم وأهلكوا غيرهم من الجهلة الذين أحسنوا بهم الظن، وقلَّدوهم في الضلال، أولئك هم الذين حذَّرنا منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: «إِنَّمَا أَخْشَى عَلَى أُمَّتِي الأَْئِمَّةَ الْمُضِلِّينَ» »([1]) إن هؤلاء وإن كانوا علماء في فقه فروع الدين فإنهم يجهلون الأصل ويفقدون الفقه الأكبر الذي هو معرفة التوحيد الذي جاءت به الرسل، ولذلك يعادونه ويعادون أهله ويؤلفون المؤلفات في الصَّدِّ عنه وعن معنى «لا إله إلا الله» ومقتضاها ﴿لِيَحۡمِلُوٓاْ أَوۡزَارَهُمۡ كَامِلَةٗ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ وَمِنۡ أَوۡزَارِ ٱلَّذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيۡرِ عِلۡمٍۗ أَلَا سَآءَ مَا يَزِرُونَ [النحل: 25].

عباد الله: وإن من مقتضى «لا إله إلا الله» وحقها على من نطق بها إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج بيت الله الحرام من استطاع إليه سبيلاً، والعمل بطاعة الله وترك معاصيه.

وقد وُجِدَ في الناس اليوم خلقٌ كثيرٌ يقولون هذه الكلمة ولكنهم لا يقيمون الصلاة، أو لا يؤتون الزكاة وقد دل الكتاب والسنة على أن من لا يصلي فليس بمسلمٍ وإن قال لا إله إلا الله.


الشرح

([1])  أخرجه: أبو داود رقم (4252)، والترمذي رقم (2229)، وأحمد رقم (22393).