وكان صلى الله عليه
وسلم يقول في خطبة الحاجة: «وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا،
وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا» ([1]).
وقال لحصين بن عبيد:
«أَسْلِمَ حَتَّى أُعَلِّمَكَ كَلِمَاتٍ يَنْفَعُكَ اللهُ بها» فأسلم،
فقال: «قل: اللَّهُمَّ أَلْهِمْنِي رُشْدِي، وَأَعِذْنِي مِنْ شَرِّ نَفْسِي»
([2]) فمن لم يسلم من شر
نفسه لم يصل إلى الله تعالى؛ لأنها تحول بينه وبين الوصول إليه، والناس قسمان:
قسمٌ ظفرت به نفسه، فملكته وأهلكته وصار مطيعًا لها، وقسمٌ ظفر بنفسه فقهرها حتى
صارت مطيعةٌ له، وقد ذكر الله القسمين في قوله تعالى: {فَأَمَّا مَن طَغَىٰ ٣٧ وَءَاثَرَ ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا
٣٨ فَإِنَّ ٱلۡجَحِيمَ هِيَ ٱلۡمَأۡوَىٰ
٣٩ وَأَمَّا مَنۡ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِۦ وَنَهَى ٱلنَّفۡسَ عَنِ
ٱلۡهَوَىٰ ٤٠فَإِنَّ ٱلۡجَنَّةَ هِيَ ٱلۡمَأۡوَىٰ ٤١} [النازعات: 37- 41].
فالنفس تدعو إلى
الطغيان وإيثار الحياة الدنيا، والرب يأمر عبده بخوفه ونهي النفس عن الهوى، والعبد
إما أن يجيب داعي النفس فيهلك، أو يجيب داعي الرب فينجو، والنفس تأمر بالشح وعدم
الإنفاق في سبيل الله، والرب يدعو إلى الإنفاق في سبيله، فيقول سبحانه: {وَأَنفِقُواْ خَيۡرٗا لِّأَنفُسِكُمۡۗ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفۡسِهِۦ فَأُوْلَٰٓئِكَ
هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ﴾ [التغابن: 16]
فالنفس تسمح بالملايين في سبيل البذخ والإسراف، ولا تسمح بالقرش للفقير والمحتاج، وتارةً أمارةً بالسوء، وتكون تارةً لوامةً تلوم صاحبها بعد الوقوع في السوء، وتارةً مطمئنةً، وهي التي تسكن إلى طاعة الله ومحبته وذكره، فكونها مطمئنة وصف مدحٍ لها، وكونها أمارةً بالسوء وصف ذمٍ لها، وكونها لوامةً ينقسم إلى المدح والذم.
([1]) أخرجه: الترمذي رقم (1105)، والنسائي رقم (1404)..
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد