×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الرابع

وفي الحديث القدسي يقول الله: «وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ» ([1]).

فالتقرب إلى الله بالنوافل سبب لنيل محبة الله للعبد، كما أن التقرب إلى الله بالنوافل يجبر به ما يحصل في الفرائض من نقص يوم القيامة، فقد جاء فى الحديث: «إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ الْمُسْلِمُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الصَّلاَةُ الْمَكْتُوبَةُ، فَإِنْ أَتَمَّهَا وَإِلاَّ قِيلَ: انْظُرُوا هَلْ لَهُ مِنْ تَطَوُّعٍ؟ فَإِنْ كَانَ لَهُ تَطَوُّعٌ أُكْمِلَتِ الْفَرِيضَةُ مِنْ تَطَوُّعِهِ، ثُمَّ يُفْعَلُ بِسَائِرِ الأَْعْمَالِ الْمَفْرُوضَةِ مِثْلُ ذَلِكَ» ([2]).

فالفرائض أكمل من النوافل في ذاتها وفضلها وكثرة ثوابها، والسنن نوعان: نوع مستقل بنفسه كنوافل الصلاة ونوافل الصيام والصدقة والحج وغيرها، ونوع تابع للفرائض غير مستقل بنفسه، فهذا النوع الأخير ينبغي للعبد أن يعتني به اعتناءً عظيمًا بعد اغتنائه بأصل الواجبات، لأنه مكمل لها، ويثاب عليه معها.

وإذا كانت الصلوات الخمس أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة من عمله، فإنه يجب على المسلم أن يحافظ على هذه الصلوات الخمس، ويتأكد عليه كذلك أن يحافظ على نوافل الصلوات، ولا سيما الرواتب التي مع الفرائض: وهي عشر ركعات التي قال ابن عمر رضي الله عنهما: حفظت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر ركعات، ركعتين قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء في بيته، وركعتين قبل صلاة الفجر، وكانت محافظته صلى الله عليه وسلم على سنة الفجر أشد من جميع النوافل، فلم يدعها، هي والوتر لا حضرًا ولا سفرًا.


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (6502).

([2])  أخرجه: النسائي رقم (466)، وابن ماجه رقم (1425).