×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الرابع

 أركان الحج، كما قال صلى الله عليه وسلم: «الْحَجُّ عَرَفَةُ» ([1])، ويوم عرفة: هو يوم العتق من النار، يعتق الله فيه من وقف بعرفة، ومن لم يقف بها من المسلمين ممن تقبل الله توبته، وصلحت أعماله ونيته.

فلذلك صار اليوم الذي يليه عيدًا لجميع المسلمين في جميع أمصارهم من الحجاج وغيرهم، لاشتراكهم في العتق والمغفرة في يوم عرفة، فكما اشتركوا في المغفرة والعتق من النار يشتركون في هذا العيد الذي يتقربون فيه بذبح القرابين من الهدي والأضاحي.

فالحجاج يرمون فيه الجمرة ويشرعون في التحلل من إحرامهم ويقضون تفثهم، ويوفون نذورهم، ويطوفون بالبيت العتيق، وأهل الأمصار يجتمعون على ذكر الله وتكبيره، ويؤدون صلاة العيد في جمع حاشد، وفي صعيد واحد، ثم يذبحون بعد ذلك ضحاياهم، وقد أمر الله نبيه أن يجعل شكره على إعطائه الكوثر أن يصلي لربه وينحر.

فمن خصائص هذه الأيام المباركة ذبح الهدي للحجاج، وذبح الأضاحي للمسلمين من حجاج وغيرهم.

والأضاحي سنة إبراهيم ومحمد صلى الله عليهما وسلم وعلى جميع الأنبياء والمرسلين، فإن الله سبحانه شرعها لإبراهيم حين فدى ابنه الذي أمره الله بذبحه امتحانًا له، فبادر بامتثال أمر ربه ﴿فَلَمَّآ أَسۡلَمَا وَتَلَّهُۥ لِلۡجَبِينِ [الصافات: 103].

وروى ابن ماجه وغيره من حديث زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ: قيل: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا هَذِهِ الأَْضَاحِيُّ؟ قال: «سُنَّةُ إِبْرَاهِيم»، قيل له: فَمَا لَنَا بها؟ قَالَ: «بِكُلِّ شَعَرَةٍ حَسَنَةٌ»، قِيلَ: فَالصُّوفُ؟ قال: «لِكُلِّ شَعَرَةٍ مِنَ


الشرح

([1])  أخرجه: الترمذي رقم (2165)، والنسائي في « الكبرى » رقم (9225)، والحاكم رقم (387).