عباد الله: إن هذا الشهر يختلف
عن غيره من الشهور، وإن كانت حياةُ المسلم كلها فرصةٌ عظيمةٌ، ودُرةٌ نفيسةٌ لا
تُقدر بقيمة، لكنَّ هذا الشهر خصَّهُ الله بفضائل، وشرع فيه أعمالاً لا توجد في
غيره، فأوجب صيام نهاره، وجعلهُ أحد أركان الإسلام، واختص الصوم لنفسه من بين سائر
الأعمال، فقال: «الصَّوْمُ لِي، وَأَنَا أَجْزِي بِهِ» ([1]) فخصَّ سبحانه
الصيام بميزتين عظيمتين: الأولى: إضافته إلى نفسه حيث قال سبحانه: «الصَّوْمُ
لِي»، هذه الإضافة تقتضي تشريف الصِّيام، والثانية: أنَّه سُبحانه هو الذي
يتولَّى جزاء الصَّائم، وذلك يقتضي عظم ثوابه وكثرته كثرةٌ لا يعلم مقدارها إلاَّ
الله.
وشرع سبحانه في هذا
الشهر القيام في لياليه بصلاة التراويح جماعة في المساجد، وأخبر صلى الله عليه
وسلم: «إِنَّهُ مَنْ قَامَ مَعَ الإِْمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ كُتِبَ لَهُ
قِيَامُ لَيْلَةٍ» ([2])، و«مَنْ قَامَ
رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» ([3]) مُتفقٌ عليه.
وهكذا نرى أن أوقات هذا الشهر مشغولةٌ بالعبادة، فنهارهُ صيامٌ، وليلهُ قيامٌ، وذلك ليجتمع للمؤمن جهادانِ: جهادٌ لنفسه بالنهار على الصَّيام، وجهادٌ لها بالليل على القيام، والجهاد يحتاج إلى صبرٍ، ولذا سُمِّي هذا الشهر شهرُ الصبر، وقد قال تعالى: ﴿إِنَّمَا يُوَفَّى ٱلصَّٰبِرُونَ أَجۡرَهُم بِغَيۡرِ حِسَابٖ﴾ [الزمر: 10].
([1]) أخرجه: أبو داود رقم (1633)، والنسائي رقم (2598)، وأحمد رقم (17972).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد