فمن جمع بين هذين
الجهادين وصبر عليهما وفّي أجرهُ بغيرِ حسابٍ. أمَّا الذي يترُك صلاة التراويح
تكاسُلاً فقد عطَّل اللَّيل ممَّا خُصَّ بهِ ولم يصبر على الجهادين، وحرم نفسهُ من
هذا الأجر العظيم، فلينتبه لذلك أُناسٌ لا نراهم يُصلون التراويح طوال الشهر أو في
أكثر الليالي، وإن صلوا في بعض الليالي لم يكملوا ويواصلوا في بقيتها حتى يستوفوا
قيام رمضان.
وشرعَ سبحانهُ في
هذا الشهر المبارك الإكثار من تلاوة القرآن، قال تعالى: ﴿شَهۡرُ رَمَضَانَ ٱلَّذِيٓ أُنزِلَ فِيهِ ٱلۡقُرۡءَانُ﴾[البقرة: 185].
فاختصاص إنزاله في
هذا الشَّهر يقتضي اختصاصهُ بفضل التلاوة فيه، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم
يخُصُّ هذا الشهر بمزيد من تلاوة القرآن، ففي «الصَّحيحين»: «أنَّ جبريل عليه
السلام كان يَلقى النبيَّ صلى الله عليه وسلم فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ
فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ» ([1]).
فجبريل أفضلُ
الملائكة، ومُحمَّدٌ أفضلُ الرُّسُل يتدارسان بينهُما أفضل الكتب في هذا الشَّهر
الذي هو أفضل الشُّهور، ممَّا يدلُّ على أفضليَّةِ التَّلاوة فيه على التَّلاوة في
غيره من الشُّهور، وإن كانت التَّلاوة مطلُوبة في كل وقتٍ وفيها أجرٌ عظيمٌ، لكن
أجرُها يتضاعف في هذا الشهرِ أكثر من غيره، كما تدلُ مُدارسةُ جبريل للنبي صلى
الله عليه وسلم على استحباب عرض الإنسان حفظهُ للقرآن على من هو أحفظُ لهُ منهُ
ليستفيد من إتقانه وقراءته.
وتلاوة القرآن في رمضان تشمل تلاوته في صلاة التراويح وصلاة التهجُّد وتلاوته من غير صلاة، وقد كان الصحابة يطيلون القراءة في
([1]) أخرجه: البخاري رقم (37)، ومسلم رقم (759).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد