×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الرابع

وإلى جانب هذه الزواجر القرآنية من التعامل بالربا، جاءت زواجر في سنة الرسول صلى الله عليه وسلم فقد عده النبي صلى الله عليه وسلم من الكبائر الموبقة، أي: المهلكة، ولعن صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله وشاهده وكاتبه، كما أخبر صلى الله عليه وسلم أن درهمًا واحدًا من الربا أشد من ثلاث وثلاثين زنيةً في الإسلام، أو ست وثلاثين زنيةً، على ما في الزنى من شناعة.

وأخبر أن الربا اثنان وسبعون بابًا أدناها مثل إتيان الرجل أمه، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: وتحريم الربا أشد من تحريم الميسر، وهو القمار، لأن المرابي قد أخذ فضلاً محققًا من محتاج، والمقامر قد يحصل له فضل، وقد لا يحصل له، فالربا ظلم محقق لأن فيه تسليط الغني على الفقير بخلاف القمار، فإنه قد يأخذ فيه الفقير من الغني، وقد يكون المتقامران متساويين في الغنى والفقر فهو وإن كان أكلاً للمال بالباطل وهو محرم، فليس فيه من ظلم المحتاج وضرره ما في الربا.

وأكل الربا من صفات اليهود التي استحقوا عليها اللعنة الخالدة والمتواصلة، قال الله تعالى: ﴿فَبِظُلۡمٖ مِّنَ ٱلَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمۡنَا عَلَيۡهِمۡ طَيِّبَٰتٍ أُحِلَّتۡ لَهُمۡ وَبِصَدِّهِمۡ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ كَثِيرٗا ١٦٠ وَأَخۡذِهِمُ ٱلرِّبَوٰاْ وَقَدۡ نُهُواْ عَنۡهُ وَأَكۡلِهِمۡ أَمۡوَٰلَ ٱلنَّاسِ بِٱلۡبَٰطِلِۚ وَأَعۡتَدۡنَا لِلۡكَٰفِرِينَ مِنۡهُمۡ عَذَابًا أَلِيمٗا ١٦١ [النساء: 160- 161].

والحكمة في تحريم الربا أن فيه أكلاً لأموال الناس بغير حق؛ لأن المرابي يأخذ منهم الربا من غير أن يستفيدوا شيئًا في مقابله، وفيه إضرار بالفقراء والمحتاجين «بمضاعفة الديون عليهم عند عجزهم عن تسديدها، وفيه قطع للمعروف» ([1]) بين الناس وسد لباب القرض


الشرح

([1])  زيادة من طبعة دار المعارف.