معتدلين، والغلو هو سمة النصارى الذين غلوا في الدين والعياذ بالله وغلوا في العبادة فصار مصيرهم إلى جهنم، تعبٌ في الدنيا وعذابٌ في الآخرة لماذا؟ لأنهم على غير جادةٍ صحيحةٍ، وإن كانوا يتعبون أنفسهم طلبًا للأجر والثواب لكن إذا كان هذا على غير شريعة الله فإن الله عز وجل لا يقبله ولا يرضاه والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «إِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ؛ فَإِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ الْغُلُوُّ» ([1])، فلنحذر من الغلو والتشدد، والغلو هو الخروج عن الحد المشروع وهو الزيادة عن الحد المشروع وليس الغلو هو التمسك بطاعة الله فالمتساهلون يرون أن التمسك بطاعة الله غلوٌّ ويسمون المتدينين بالغلاة والمتطرفين وأهل الغلو يسمون المعتدلين المتَّبعين للكتاب والسنة بأنهم جفاةٌ وأنهم مداهنون وأنهم عملاء للسلاطين إلى غير ذلك من أقوالهم كل من الفريقين يزعم أنه هو الذي على الحق وأن من خالفه على الباطل، والعكس هو الصحيح أنه هو الذي على الباطل وأهل الاستقامة والاعتدال هم على الحق والحمد لله وهذا شيءٌ لا يحصل إلا بتعلم دين الله والتفقه فيه، فما ضرَّ الخوارج على كثرة عبادتهم وصيامهم وقيامهم ما ضرهم إلا جهلهم في دين الله وعدم فقههم في دين الله فالعبادة إذا كانت على غير علمٍ وعلى غير فقهٍ وعلى غير بصيرةٍ فإنها تكون ضلالاً وتكون شقاءً على صاحبها ولما كانت الاستقامة التامة على دين الله صعبة ولا تمكن لضعف الناس فالله جل وعلا أمر بجبر ذلك بالاستغفار فقال جل وعلا ﴿فَٱسۡتَقِيمُوٓاْ إِلَيۡهِ وَٱسۡتَغۡفِرُوهُۗ﴾ [فصلت: 6] استغفروه عما تقصرون عنه وتفرطون به فإن الإنسان محلٌّ
([1]) أخرجه: النسائي رقم (3075)، وأحمد رقم (1851)، والطبراني في « الكبير » رقم (12747).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد