فالمؤمن يقدِّم دينه على كل ما يحبه من أمور الدنيا ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم لما خرج من مكة مهاجرًا وقف والتفت إلى مكة وقال: «وَاللَّهِ إِنَّكِ لَأَحَبُّ الْبِلاَدِ إليّ واللَّهِ إِنَّكِ لَأَحَبُّ بِلاَدِ اللَّهِ إِلَيَّ، وَلَوْلاَ أَنَّ قَوْمَكِ أَخْرَجُونِي مِنْكِ مَا خَرَجْتُ» ([1])، هاجر الصحابة فرارًا بدينهم إلى الحبشة لما ضايقهم المشركون أشد المضايقة وأرادوا أن يصدوهم عن دينهم هاجروا إلى الحبشة بأمر الرسول صلى الله عليه وسلم ثم رجعوا من أرض الحبشة، وأعاد المشركون عليهم المضايقة والمشاقة فأذن صلى الله عليه وسلم لهم بالهجرة إلى المدينة لما بايع الأنصار بيعة العقبة وعرضوا على النبي صلى الله عليه وسلم أن يهاجر إليهم وأن يحموه وأن يناصروه أذن صلى الله عليه وسلم لأصحابه فهاجروا متسللين أفرادًا وجماعاتٍ على خوفٍ من المشركين ثم هاجر النبي صلى الله عليه وسلم مختبيًّا ليس معه إلا صاحبه أبو بكرٍ الصديق رضي الله عنه خرجوا من مكة ليلاً مختفين وغايروا الطريق ذهبوا إلى جنوب مكة بدلاً من أن يخرجوا من جهة الشمال إلى المدينة واختفوا في غار ثور في جنوبي مكة حتى ينقطع عنهم الطلب وبذل المشركون كل ما يستطيعون من البحث وعرضوا الأموال الطائلة على من يأتي بمحمدٍ حيًّا أو ميتًا فلم يعثروا عليه صلى الله عليه وسلم رغم أنهم وقفوا على الغار الذي فيه الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبه حتى قال أبو بكر رضي الله عنه: يا رسول الله لو نظر أحدهم إلى موضع قدمه لأبصرنا فقال صلى الله عليه وسلم: «مَا ظَنُّكَ يَا أَبَا بَكْرٍ بِاثْنَيْنِ اللهُ ثَالِثُهُمَا» ([2]). فأنزل الله قوله تعالى: ﴿إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدۡ نَصَرَهُ ٱللَّهُ إِذۡ أَخۡرَجَهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ ٱثۡنَيۡنِ إِذۡ هُمَا فِي ٱلۡغَارِ إِذۡ يَقُولُ لِصَٰحِبِهِۦ لَا تَحۡزَنۡ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَنَاۖ
([1]) أخرجه: أحمد رقم (18739)، والبزار رقم (4690).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد