الهجرة من مكة «لاَ هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ»، أي بعد فتح مكة «وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ» ([1])، وأما الهجرة من بقية البلاد الكافرة فإنها واجبة بشروطها إلى أن تقوم الساعة وقد أثنى الله على المهاجرين والأنصار، قال تعالى: ﴿لِلۡفُقَرَآءِ ٱلۡمُهَٰجِرِينَ ٱلَّذِينَ أُخۡرِجُواْ مِن دِيَٰرِهِمۡ وَأَمۡوَٰلِهِمۡ يَبۡتَغُونَ فَضۡلٗا مِّنَ ٱللَّهِ وَرِضۡوَٰنٗا وَيَنصُرُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥٓۚ أُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلصَّٰدِقُونَ﴾ [الحشر: 8] ثم قال في الأنصار: ﴿وَٱلَّذِينَ تَبَوَّءُو ٱلدَّارَ وَٱلۡإِيمَٰنَ مِن قَبۡلِهِمۡ يُحِبُّونَ مَنۡ هَاجَرَ إِلَيۡهِمۡ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمۡ حَاجَةٗ مِّمَّآ أُوتُواْ وَيُؤۡثِرُونَ عَلَىٰٓ أَنفُسِهِمۡ وَلَوۡ كَانَ بِهِمۡ خَصَاصَةٞۚ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفۡسِهِۦ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ﴾ [الحشر: 9] ثم قال في الذين يأتون من بعدهم من المسلمين: ﴿وَٱلَّذِينَ جَآءُو مِنۢ بَعۡدِهِمۡ يَقُولُونَ رَبَّنَا ٱغۡفِرۡ لَنَا وَلِإِخۡوَٰنِنَا ٱلَّذِينَ سَبَقُونَا بِٱلۡإِيمَٰنِ وَلَا تَجۡعَلۡ فِي قُلُوبِنَا غِلّٗا لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ رَبَّنَآ إِنَّكَ رَءُوفٞ رَّحِيمٌ} [الحشر: 10] فالهجرة أمرها عظيمٌ، الهجرة يقصد بها الفرار بالدين والاحتفاظ بالدين لكن بعض المسلمين لا يلتفت إلى هذا ويقول البلاد كلها سواءٌ ويذهب إلى بلاد الكفار ويقيم فيها ويستوطن فيها رغم أنه لا يتمكن من إظهار دينه وتربية أولاده على الإسلام الصحيح ويترك الهجرة وهي واجبةٌ عليه فيتعرض لهذا الوعيد ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ تَوَفَّىٰهُمُ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةُ ظَالِمِيٓ أَنفُسِهِمۡ﴾ [النساء: 97]، فيكون ظالمًا لنفسه فإذا جاءته ملائكة الموت توبِّخه على بقائه في بلاد الكفر وهو يستطيع الهجرة منها إلى بلاد المسلمين، إن بعض المسلمين لا يفرقون بين بلاد الكفر وبلاد الإسلام يذهبون بل ربما أنهم يستأنسون ويفرحون ببلاد الكفر أكثر من فرحهم ببلاد الإسلام لما يرون في بلاد الكفر من الرفاهية الدنيوية والملذَّات العاجلة ولما يرون من أن الله قد استدرج
([1]) أخرجه: البخاري رقم (2631)، ومسلم رقم (1353).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد