يصاحبه في الهجرة فقام أبو بكرٍ وجهَّز الجهاز واشترى الراحلتين من ماله رضي الله عنه فخرجا ماشيين إلى غارٍ في جنوب مكة يقال له غار جبل ثورٍ، وانظروا في هذه السياسة العظيمة، اتجاه الهجرة إلى الشمال إلى المدينة، والرسول صلى الله عليه وسلم ذهب إلى الجنوب حتى يخدعهم واختفى هو وصاحبه في الغار، وأسماء ابنة أبي بكر الصديق تأتيهم بالطعام والشراب خفية في هذا الغار، وراعي غنم أبي بكرٍ يمر عليهم وهم في الغار بالغنم فيشربون من لبنها وتمر الغنم وتخفي الآثار فلا يوجد أثرٌ إلا أثر الغنمِ، قدر الله أن جاء المشركون إلى الغار لأنهم بذلوا كل غالٍ ورخيصٍ حتى يظفروا بمحمدٍ وقالوا: من جاءنا به حيًّا أو ميتًا فله وزنه من الذهب، جاؤوا إلى الغار ووقفوا عليه ولم يروا الرسول صلى الله عليه وسلم وهو في الغار هو وصاحبه، قال أبو بكر الصديق: يا رسول الله لو نظر أحدهم إلى موضع قدميه لأبصرنا. فقال: «يَا أَبَا بَكْرٍ مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا»([1]). فصرف الله عنه المشركين وأيسوا من وجوده ورأوا الآثار القديمة على الغار كعش العنكبوت وغيره ولم يروا أثرًا حول الغار، قالوا ما في هذا الغار من أحدٍ فانصرفوا، فأنزل الله تعالى: ﴿إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدۡ نَصَرَهُ ٱللَّهُ إِذۡ أَخۡرَجَهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ ٱثۡنَيۡنِ إِذۡ هُمَا فِي ٱلۡغَارِ إِذۡ يَقُولُ لِصَٰحِبِهِۦ لَا تَحۡزَنۡ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَنَاۖ فَأَنزَلَ ٱللَّهُ سَكِينَتَهُۥ عَلَيۡهِ وَأَيَّدَهُۥ بِجُنُودٖ لَّمۡ تَرَوۡهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلسُّفۡلَىٰۗ وَكَلِمَةُ ٱللَّهِ هِيَ ٱلۡعُلۡيَاۗ وَٱللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ [التوبة: 40]، فلما انقطع الطلب عن الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبه كان الرسول صلى الله عليه وسلم قد استأجر رجلاً من المشركين يقال له عبد الله بن أريقط الليثي يدله
([1]) أخرجه: البخاري رقم (3453)، ومسلم رقم (2381).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد