واللهُ
سُبْحانَه يُحْسِنُ إِلَى عبدِهِ مع غنَاءٍ عنه، يُرِيدُ به الخيرَ ويكْشِفُ عنه
الضُّرَّ لا لجَلْبِ منفَعةٍ إليه من العبدِ، ولا لدَفْعِ مضرَّةٍ بل رَحْمةً
وإحسانًا.
والعِبَادُ لا
يُتَصَوَّرُ أن يعمَلُوا إلاَّ لحُظُوظِهِم، فإِنَّهم إِذَا أحبُّوه طَلَبُوا أن
يَنالُوا غَرضَهُم من محبَّتِه، فالمخلوقُ لا يقْصِدُ منفَعَتكَ بالقَصْدِ
الأَوَّلِ بَلْ إِنَّمَا يقْصِدُ منفَعَتَه بِكَ، والرَّبُّ سُبْحانَه يُرِيدُكَ
لكَ ولمنفعَتِكَ بكَ لا لينتفعَ بكَ، والخلقُ لو اجْتَهَدُوا أن ينفَعُوكَ لم
ينفَعُوك إلاَّ بأَمْرٍ قد كَتَبَهُ اللهُ لك، ولو اجتَهَدُوا أن يضَرُّوكَ لم
يضُرُّوكَ إلاَّ بشيءٍ قد كَتبَهُ اللهُ عليك، فهُمْ لا ينفَعُوك إلاَّ بإِذْنِ
اللهِ، ولا يضُرُّونَك إلاَّ بإذْنِ الله، فلا تُعَلِّقْ بهم رجَاءَك، قَالَ اللهُ
تَعَالَى: {أَمَّنۡ هَٰذَا ٱلَّذِي هُوَ جُندٞ لَّكُمۡ
يَنصُرُكُم مِّن دُونِ ٱلرَّحۡمَٰنِۚ إِنِ ٱلۡكَٰفِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ ٢٠ أَمَّنۡ
هَٰذَا ٱلَّذِي يَرۡزُقُكُمۡ إِنۡ أَمۡسَكَ رِزۡقَهُۥۚ بَل لَّجُّواْ فِي عُتُوّٖ
وَنُفُورٍ ٢١﴾ [الملك:
20- 21] ، وجماعُ هَذَا أنَّكَ إِذَا كنتَ غَيرَ عَالمٍ بمصْلَحَتِكَ، ولا
قَادِرٍ عَلَيْها، ولا مُريدٍ لها كَمَا ينبَغِي، فغَيرُكَ من النَّاسِ أولَى أن
لا يَكُونَ عالمًا بمصْلَحَتِكَ ولا قَادرٍ عَلَيْها ولا مُريد لها، واللهُ
سُبْحانَه هو الَّذِي يعلَمُ ولا تعلَمُ ويَقْدِرُ ولا تقْدِرُ، ويُعطِيكَ من
فضْلِه العظِيمِ.
ونكتَفِي
بهَذَا القدرِ ممَّا اقتطَفْنَاهُ من كلامِ الشَّيْخِ فِي هَذِهِ القاعِدَةِ
الجليلَةِ من قَواعِدِ تَوحِيدِ الأُلوهِيَّةِ وحقيقَتِه وأسبَابِه وأدِلَّتِه،
واللهُ المُوَفِّقُ.
****
الصفحة 4 / 471
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد