نِعمَهُ؛ فإِذَا مسَّهُ اللهُ بضُرٍّ فلا
يَكشِفُه عنه غَيرُه؛ وإِذَا أصابَهُ بنِعمَةٍ لم يَرفَعْها عنه سِوَاهُ. وأَمَّا
العبدُ فلا ينفَعُه ولا يضُرُّه، إلاَّ بإِذْنِ اللهِ. والقرآنُ مملُوءٌ من حاجَةِ
العبَادِ إِلَى اللهِ دُونَ ما سِوَاهُ ومن ذِكْرِ نعمَائِه عَلَيْهم، ومن ذِكْرِ
ما وَعَدَهم فِي الآخِرَةِ من صُنُوفِ النَّعيمِ واللَّذَّاتِ، ولَيْسَ عندَ
المخْلُوقِ شَيْءٌ من هذا، وتعلُّقُ العبدِ بما سِوَى اللهِ مضرَّةٌ عَلَيْه إِذَا
أخذَ منه القدْرَ الزَّائِدَ عن حاجَتِه؛ فإِنَّه إن نَالَ من الطَّعامِ
والشَّرابِ فوقَ حَاجَتِه ضرَّهُ وأهلَكُه.
واعلَمْ أنَّ كُلَّ مَن أحَبَّ شَيئًا لغَيْرِ اللهِ فَلا بُدَّ أن يضرَّهُ محْبُوبُه، ويَكُون ذَلِكَ سببًا لعذَابِه، ولهَذَا كَانَ الَّذِينَ يكنزُونَ الذَّهبَ والفِضَّةَ ولا ينفقُونها فِي سبيلِ اللهِ يمثَّلُ لأحدِهم كَنزُهُ يومَ القيامَةِ شُجَاعًا أقْرَعَ يأخُذُ بلَهزَمَتِه ويَقُول: أنا كَنزُكَ، أنا مَالُك ([1])، وفي الحَدِيثِ: «يَقُولُ اللهُ يَوْمَ القِيَامَةِ: يَا ابْنَ آدَمَ أَلَيْسَ عَدْلاً مِنِّي أَنَّ أُولِي كُلَّ رَجُلٍ مِنْكُمْ مَا كَانَ يَتَوَلاَّهُ فِي الدُّنْيَا» ([2]). وأَصْلُ التَّولِّي: الحبُّ، فكُلُّ مَن أحبَّ شيئًا دُونَ اللهِ ولاَّهُ اللهُ يومَ القِيَامةِ ما تولاَّهُ وأصلاَهُ جَهَنَّمَ وساءَتْ مصِيرًا، فمَنْ أحبَّ شيئًا لغيرِ اللهِ فالضَّررُ حاصلٌ له إن وُجِدَ أو فُقِدَ؛ فإنْ فُقِدَ عُذِّبَ بالفُرَاقِ وتأَلَّمَ، وإن وُجِدَ فإِنَّه يحصلُ له من الأَلَمِ أكثرُ ممَّا يحصلُ له من اللَّذَّةِ، وهَذَا أمرٌ معلومٌ بالاعتبارِ والاستقْرَاءِ. وكُلُّ مَن أحَبَّ شيئًا لغَيرِ اللهِ فإنَّ مضرَّتَه أكثرُ من منفَعَتِه. فصَارَتِ المخْلُوقاتُ وبَالاً عَلَيْه إلاَّ مَا كَانَ للهِ وفي اللهِ؛ فإِنَّه كمالٌ وجمالٌ للعبدِ.
([1])أخرجه: البخاري رقم (1403)، ومسلم رقم (988).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد