×
أضواء من فتاوى ابن تيمية الجزء الأول

 حاجَةُ العبدِ إِلَى عبادَةِ اللهِ

قَالَ شَيْخُ الإِسْلاَمِ ابنُ تيميَّة رحمه الله فِي بيانِ حاجَةِ العبْدِ إلى عبَادَةِ اللهِ والاستعانَةِ به: لا بُدَّ للنَّفسِ من شَيْءٍ تطمَئِنُّ إليه وتَنتَهِي مَحبَّتُها وهُو إلَهُهَا، ولا بُدَّ لها من شَيْءٍ تثِقُ به وتَعْتمِدُ عَلَيْه فِي نَيلِ مَطْلُوبِها وهو مُستَعَانُها سواء كَانَ ذَلِكَ هوَ اللهُ أو غيره، وإِذَا كَانَ غيرَ اللهِ فقَدْ يَكُون عامًّا وهو الكفرُ كمَنْ عبَدَ اللهَ مطلقًا وسأَلَ غيرَ اللهِ مطلقًا. مثل عُبَّادِ الشَّمسِ والقمرِ وغيرِ ذَلِكَ الَّذِينَ يطْلُبُونَ منهم الحاجاتِ، ويفْزَعُونَ إليهم فِي النَّوائِبِ، وقَدْ يَكُون ذَلِكَ خاصًّا بالمُسْلِمينَ مثل مَن غَلبَ عَلَيْه حبُّ المالِ، أو حبُّ شَخصٍ، أو حُبُّ الرَّئاسَةِ حَتَّى صارَ عبدَ ذَلِكَ؛ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : «تَعِسَ عَبْدُ الدِّرْهَمِ، تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ,تَعِسَ عَبْدُ الْخَمِيصَةِ، تَعِسَ عَبْدُ الْخَمِيلَةِ، إِنْ أُعْطِيَ رَضِيَ، وَإِنْ مُنِعَ سَخِطَ، تَعِسَ وَانْتَكَسَ، وَإِذَا شِيكَ فَلاَ انْتَقَشَ» ([1])، وكذَلِكَ مَن غلبَ عَلَيْه الثِّقةُ بجَاهِه ومالِهِ؛ بحَيْثُ يَكُونُ عندَهُ مخْدُومُه من الرُّؤسَاءِ ونَحوهم، أو خَادِمُه من الأعوَانِ والأجْنادِ ونحوِهِم أو أَصْدِقَائه أو أمْوَالِه هي الَّتِي تجْلِبُ المنفَعَةَ الفُلانِيَّةَ، وتدفعُ المَضرَّةَ الفلانِيَّةَ؛ فهو معتَمِدٌ عَلَيْها ومستعينٌ بها، والمستعانُ هو مَدْعُو ومَسْئُولٌ.

ويقصِدُ الشَّيْخُ رحمه الله بهَذَا الكلامِ الَّذِينَ يعتمِدُونَ عَلَى الأسبَابِ ويغتَرُّونَ بحَوْلِهم وقُوَّتِهم وينسَوْنَ الخالقَ الَّذِي هو مُسبِّبُ الأسبَابِ، وهَذَا كثيرٌ فِي النَّاسِ اليومَ تجِدُهم يغْتَرُّونَ بإمكَانِيَّاتِهم وتِقْنِيَاتِهم، ويُعْجَبُونَ بها إِلَى حَدِّ أن يَقُولوا: قضينَا عَلَى الأمراضِ، قضَيْنَا عَلَى


الشرح

([1])أخرجه: البخاري رقم (2887).