الجُوعِ،
قضينَا عَلَى الفقْرِ، إِلَى غيرِ ذَلِكَ من العبارَاتِ القَبِيحةِ، فلا
يعتَرِفُونَ بنِعْمَةِ اللهِ عَلَيْهم، ويُقِرُّونَ بفَقْرِهِم وحَاجَتِهم إليه،
وقَدْ يُسْنِدُونَ المصَائِبَ والكَوارِثَ الَّتِي تُصِيبُهُم إِلَى ظَواهِرَ
كَونِيَّةٍ وأُمورٍ طَبيعِيَّةٍ فلا يلجَئُونَ إِلَى اللهِ ويتضرَّعُونَ إليه،
كَمَا قَالَ الله تَعَالَى: {فَلَوۡلَآ إِذۡ جَآءَهُم بَأۡسُنَا
تَضَرَّعُواْ وَلَٰكِن قَسَتۡ قُلُوبُهُمۡ وَزَيَّنَ لَهُمُ ٱلشَّيۡطَٰنُ مَا كَانُواْ
يَعۡمَلُونَ﴾ [الأنعام: 43] ، وما
أكثرُ هَذَا النَّوعِ فِي أهلِ هَذَا الزَّمانِ إلاَّ مَن رَحِمَ اللهُ.
ثُمَّ بيَّنَ
الشَّيْخُ رحمه الله العِلاقَةَ بينَ العِبَادَةِ والاستعانَةِ فقَالَ: وما
أَكْثَرُ ما تَستَلْزِمُ العبَادَةُ الاستِعَانَةَ فمَنِ اعتمَدَ عَلَيْه القلبُ
فِي رزْقِه ونَصْرِه ونَفْعِه وضُرِّه؛ خضَعَ له وذَلَّ وانقَادَ وأحبَّهُ من
هَذِهِ الجِهَةِ، وإن لَمْ يُحبَّهُ لذَاتِهِ، لكن قد يَغْلُبُ عَلَيْه الحالُ حَتَّى
يحبَّهُ لذَاتِه، ويَنسَى مَقْصُودَه منه كَمَا يصيبُ كثيرًا مِمَّنْ يحِبُّ المالَ،
أو يحِبُّ مَن يحصلُ له به العِزُّ والسُّلطانُ. وأَمَّا من أحبَّهُ القلبُ
وأرَادَهُ وقصَدَهُ فقَدْ لا يَستَعِينُه ويَعتَمِدُ عَلَيْه إلاَّ إِذَا
استشْعَرَ قُدرَتَهُ عَلَى تحصِيلِ مَطْلُوبِه، كاسْتِشْعَارِ المُحِبِّ قُدرَةَ
المُحبوبِ عَلَى وَصْلِه، فإِذَا استشعَرَ قُدرَتَه عَلَى تَحْصِيلِ مطْلُوبِه
اسْتَعَانَهُ وإِلاَّ فَلاَ.
فالأَقسامُ
ثلاثةٌ: فقَدْ يَكُونُ محبُوبًا غير
مُستَعَانٍ، وقَدْ يَكُونُ مُسْتَعانًا غير مَحْبُوبٍ، وقَدْ يجتمعُ فِيهِ
الأمرانِ، فإِذَا عُلِمَ أَنَّ العبدَ لابُدَّ لَه فِي كُلِّ وقْتٍ وحَالٍ من
مُنتهًى يَطْلُبُه هو إِلَهُهُ، ومنتهًى يَطْلُبُ منه وهو مستعَانُهُ، وَذَلِكَ هو
صَمَدُهُ الَّذِي يصْمُدُ إليه فِي استِعَانَتِه وعبَادَتِه؛ تبيَّنَ أنَّ قَولَه:
{إِيَّاكَ نَعۡبُدُ وَإِيَّاكَ نَسۡتَعِينُ﴾ [الفاتحة:
5] ، كلامٌ جَامِعٌ محيطٌ أوَّلاً وآخِرًا لا يخْرُجُ عنه شَيْءٌ، فصارَتِ
الأقْسَامُ أربعَةً: إمَّا أنْ يعبُدَ غيرَ اللهِ
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد