ويستَعِينَه -
وإن كَانَ مسلِمًا - فالشِّركُ فِي هَذِهِ الأُمَّةِ أخْفَى من دَبِيبِ النَّمْلِ ([1]).
ويقْصِدُ
الشَّيْخُ رحمه الله العبَادَةَ والاستِعَانَةَ اللَّتينِ لا تَصِلاَنِ إِلَى
حَدِّ الشِّركِ الأكْبَرِ؛ كالرِّيَاءِ فإِنَّه شِركٌ أصْغَرُ وهُو شركٌ خفيٌّ.
وإمَّا أن
يعبَدَهُ ويستَعِينَ غَيرَه، مثل كَثِيرٍ من أهلِ الدِّينِ يقصِدُونَ طاعَةَ اللهِ
ورَسُولِه وعبَادته وحْدَهُ لا شَرِيكَ له، وتَخضَعُ قُلُوبُهم لمَنْ يستَشْعِرُونَ
نَصرَهُم ورِزْقَهم وهِدَايَتَهم من جهةِ المُلوكِ والأغْنِيَاءِ والمَشَائِخِ.
وإمَّا أنْ يستَعِينَه ويَعْبُدَ غَيرَه مثل كَثِيرٍ من ذَوِي الأحْوَالِ وذَوِي
القُدرَةِ وذَوِي السُّلطانِ الباطِنِ والظَّاهِرِ وأهلِ الكشْفِ والتَّأْثِير
الَّذِي يَستَعِينُونَه ويَعتمِدُونَ عَلَيْه ويسأَلُونَه، ويَلجَئُونَ إليه،
لكنَّ مَقْصُودَهم غير ما أمَرَ اللهُ به ورَسولُه، وغير اتِّبَاع دِينِه
وشَريعَتِه الَّتِي بعَثَ اللهُ بها رسُولَهُ.
والقِسْمُ
الرَّابعُ: الَّذِينَ لا يَعبُدُون إلاَّ
إيَّاهُ ولا يستَعِينُونَ إلاَّ بِه.
ثُمَّ بيَّنَ رحمه الله وُجُوبَ اختصَاصِ الخَالِقِ بالعبَادَةِ والتَّوكُّلِ عَلَيْه فلا يُعْمَلُ إلاَّ له، ولاَ يُرجَى إلاَّ هُو، فهُو سُبْحانَه الَّذِي ابتدَأَكَ بخَلْقِكَ والإنعَامِ عليكَ بنَفْسِ قُدْرَتِه عَلَيْكَ ومَشِيئَته ورَحْمَتِه من غَيرِ سببٍ منكَ أصلاً، وما فعل بكَ لا يَقْدِرُ عَلَيْه غَيرُه، ثُمَّ إِذَا احتَجْتَ إليه فِي جَلْبِ رِزْقٍ أو دَفْعِ ضَرَرٍ فهو الَّذِي يأتي بالرِّزْقِ لا يأتي بِهِ غَيرُه، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {أَمَّنۡ هَٰذَا ٱلَّذِي هُوَ جُندٞ لَّكُمۡ يَنصُرُكُم مِّن دُونِ ٱلرَّحۡمَٰنِۚ إِنِ ٱلۡكَٰفِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ ٢٠ أَمَّنۡ هَٰذَا ٱلَّذِي يَرۡزُقُكُمۡ إِنۡ أَمۡسَكَ رِزۡقَهُۥۚ بَل لَّجُّواْ فِي عُتُوّٖ وَنُفُورٍ ٢١﴾ [الملك: 20- 21] ، وهُوَ سُبْحانَه يُنعِمُ عَلَيْكَ ويُحْسِنُ إليك بنَفْسِه، فإنَّ ذَلِكَ مُوجِبٌ ما يُسمَّى به ووصَفَ به نَفْسَهُ؛ إذْ هو الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ، الودُودُ
([1])أخرجه: أحمد رقم (19606)، وابن أبي شيبة في «مصنفه» رقم (29547).
الصفحة 3 / 471
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد