فإِنَّ اليَقِينَ يتضَمَّنُ اليَقينَ فِي
القيامِ بأَمْرِ اللهِ وما وعَدَ اللهُ أهلَ طاعَتِه، ويتضمَّنُ اليَقِينَ بقدَرِ
اللهِ وخلْقِه وتَدْبِيرِه، فإِذَا أرضَيْتَهُم بسَخَطِ اللهِ لم تكُن مُوقِنًا لا
بوعْدِهِ ولا برِزْقِه؛ فإِنَّه إِنَّمَا يُحْمَلُ الإنسانُ عَلَى ذَلِكَ إمَّا ميلٌ
إِلَى ما فِي أيدِيهم مِنَ الدُّنْيَا؛ فيتركُ القيَامَ فيهم بأَمْرِ اللهِ لمَا
يرجُوهُ مِنْهُم، وإمَّا ضَعفُ تَصْدِيقٍ بما وَعَدَ اللهُ أهلَ طاعَتِه مِنَ
النَّصْرِ والتَّأْييدِ والثَّوابِ فِي الدُّنْيَا والآخِرَةِ، فإِنَّكَ إِذَا
أرْضَيتَ اللهَ نصَرَكَ ورَزَقكَ وكَفَاكَ مُؤْنَتَهم، فإرْضَاؤُهُم بسَخَطِهِ
إِنَّمَا يَكُونُ خَوفًا مِنْهُم ورجَاءً لهم؛ وَذَلِكَ من ضَعْفِ اليَقِينِ،
وإِذَا لم يُقَدَّرْ لك ما تَظُنُّ أَنَّهم يَفْعَلُونَه معكَ؛ فالأمْرُ فِي ذَلِكَ
إِلَى اللهِ لا لَهُم، فإِنَّه ما شَاءَ كَانَ ومَا لَم يشَأْ لَمْ يَكُنْ، فإِذَا
ذَمَمْتَهُم عَلَى ما لم يُقَدَّرْ كَانَ ذَلِكَ من ضَعفِ يقِينِكَ، فلا تَخَفْهُم
ولا تَرْجُهُم ولا تَذُمُّهم من جِهَةِ نَفْسِكَ وهَواكَ، لكن من حَمَدَهُ اللهُ
ورسُولُه فَهُوَ المحمودُ، ومن ذَمَّهُ اللهُ ورَسُولُه فَهُوَ المذمومُ. ولمَّا قَالَ
بعضُ وفدُ بنِي تَمِيمٍ: يا مُحَمَّدُ، أعْطِني فَإِن حَمْدِي زينٌ، وإنَّ ذَمِّي
شَينٌ. قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : «ذَاكَ اللهُ عز وجل » ([1]).
وكتبتْ عائشةُ إِلَى مُعاوِيَةَ، ورُوِيَ أَنَّها رفَعَتْهُ إِلَى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : «مَنْ أَرْضَى اللهَ بِسَخَطِ النَّاسِ كَفَاهُ مُؤْنَةِ النَّاسِ، وَمَنْ أَرْضَى النَّاسِ بِسَخَطِ اللهِ لَمْ يُغْنُوا عَنْهُ مِنَ اللهِ شَيْئًا» ([2])، هَذَا لفظُ المرفوعِ. ولفْظُ المَوْقُوفِ: «مَنْ أرْضَى اللهَ بسَخَطِ النَّاسِ رضي الله عنه وأرْضـَى عنه النَّاسَ، ومَنْ أرْضَـى النَّاسَ بسَخَطِ اللهِ عَادَ حَامِدُهُ مِنَ النَّاسِ ذَامًّا» وهَذَا لفظُ المَأْثُورِ عنها ([3]).
([1])أخرجه: الترمذي رقم (3267)، وأحمد رقم (15991).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد