وسُؤالُ الخَلْقِ فِي الأصْلِ مُحرَّمٌ لكِنَّهُ
أُبِيحَ للضَّرورةِ، وتَركُهُ توكُّلاً عَلَى اللهِ أفضلُ، قَالَ الله تَعَالَى: {فَإِذَا فَرَغۡتَ فَٱنصَبۡ ٧ وَإِلَىٰ رَبِّكَ فَٱرۡغَب ٨﴾ [الشرح: 7- 8] ؛
أي: ارْغَبْ إِلَى اللهِ لا إِلَى غَيرِهِ.
وقولُهُ: «إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلْ اللَّهَ، وَإِذَا
اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ» ([1]) هو من أصَحِّ ما رُوِيَ عَنه.
وفي «المسند»
لأحمَدَ: «أنَّ أبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ
كَانَ يَسْقُطُ السَّوْطُ مِنْ يَدِهِ فَلاَ يَقُولُ لأَحَدٍ نَاوِلْنِي إِيَّاهُ
وَيَقُولُ: إِنَّ خَلِيلِي أَمَرَنِي أَنْ لاَ أَسْأَلَ النَّاسَ شَيْئًا» ([2]).
وقالَ رحمه
الله : وأَمَّا سُؤالُ المخلوقِ أن يقْضِيَ حَاجةَ نَفْسِه، أو يَدْعُوَ له فَلَمْ
يُؤْمَرْ به، بخِلاَفِ سُؤالِ أهْلِ العلمِ، فإِنَّ اللهَ أمرَ بسُؤَالِ أهْلِ
العِلمِ فقَالَ تَعَالَى: {فَسَۡٔلُوٓاْ أَهۡلَ ٱلذِّكۡرِ إِن
كُنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ﴾ [النحل: 43] ،
وقَالَ تَعَالَى: {فَإِن كُنتَ فِي شَكّٖ مِّمَّآ
أَنزَلۡنَآ إِلَيۡكَ فَسَۡٔلِ ٱلَّذِينَ يَقۡرَءُونَ ٱلۡكِتَٰبَ مِن قَبۡلِكَۚ﴾ [يونس: 94] ، وقَالَ تَعَالَى: {وَسَۡٔلۡ مَنۡ أَرۡسَلۡنَا مِن قَبۡلِكَ مِن رُّسُلِنَآ﴾ [الزخرف: 45] ، وهَذَا لأَنَّ العِلْمَ يَجِبُ بَذْلُه؛
فمَنْ سُئِلَ عن عِلْمٍ يعِلْمِه فكَتمَه ألجَمَهُ اللهُ بلجَامٍ من نَارٍ يومَ
القِيَامَةِ ([3])، وهُوَ يزكُو عَلَى التَّعليمِ لا ينقُصُ بالتَّعليمِ
كَمَا تُنقَصُ الأموالُ بالبَذْلِ، ولهَذَا يشبَّهُ بالمصبَاحِ.
وكذَلِكَ مَن له حَقٌّ عندَ غَيرِه من عَينٍ أو دَينٍ كالأمانَاتِ مثل الوَديعَةِ والمُضَاربَةِ لصَاحِبِهَا أن يسْأَلَها مِمَّنْ هي عِندَهُ، وكذَلِكَ مالُ الفَيءِ وغَيرِه
([1])أخرجه: الترمذي رقم (2516)، وأحمد رقم (2669)، وأبو يعلى رقم (2556).
الصفحة 4 / 471
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد