×
أضواء من فتاوى ابن تيمية الجزء الأول

 للخبَائِثِ مِنَ النَّجَاسَاتِ والأقْذَارِ الَّتِي تحِبُّها الشَّياطِينُ، ومُرتكبًا للفَواحِشِ ظَالمًا للنَّاسِ، وهَذَا فرقٌ ما بينَ أولِيَاءِ الرَّحْمَنِ وأولياءِ الشَّيطانِ. واللهُ المُسْتَعَانُ.

***

بيانُ الشِّرْكِ وخَطرِه

قَالَ رحمه الله : اعلَمْ أَنَّ الشِّرْكَ باللهِ أعظمُ ذَنْبٍ عُصِيَ اللهُ به. قَالَ الله تَعَالَى: {إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَغۡفِرُ أَن يُشۡرَكَ بِهِۦ وَيَغۡفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَآءُۚ [النساء: 48] وفي «الصحيحين» ([1]) «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ: أَيُّ الذَّنْبِ عِنْدَ اللَّهِ أَكْبَرُ؟ قَالَ: أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ»، والنِّدُّ: المِثْلُ، قَالَ تَعَالَى: {فَلَا تَجۡعَلُواْ لِلَّهِ أَندَادٗا وَأَنتُمۡ تَعۡلَمُونَ [البقرة: 22] ، وقَالَ تَعَالَى: {وَجَعَلَ لِلَّهِ أَندَادٗا لِّيُضِلَّ عَن سَبِيلِهِۦۚ قُلۡ تَمَتَّعۡ بِكُفۡرِكَ قَلِيلًا إِنَّكَ مِنۡ أَصۡحَٰبِ ٱلنَّارِ [الزمر: 8] ، فمن جَعَلَ للهِ نِدًّا من خَلْقِه فيمَا يستحقُّه عز وجل مِنَ الإلهيةِ والرُّبوبيَّةِ فقَدْ كفَرَ بإجْمَاعِ الأُمَّةِ؛ فإِنَّ اللهَ سُبْحانَه هو المُستَحِقُّ للعبادَةِ لذَاتِه؛ لأَنَّهُ المَأْلُوه المَعْبُود الَّذِي تَأْلَهُه القُلوبُ وترغَبُ إليه وتفْزَعُ إليه عندَ الشَّدائدِ، وما سِوَاهُ فَهُوَ مفتَقِرٌ مقْهُورٌ بالعُبودِيَّةِ فكَيفَ يَصْلُحُ أنْ يَكُونَ إلهًا؟ قَالَ اللهُ تَعَالَى: {وَجَعَلُواْ لَهُۥ مِنۡ عِبَادِهِۦ جُزۡءًاۚ إِنَّ ٱلۡإِنسَٰنَ لَكَفُورٞ مُّبِينٌ [الزخرف: 15] ، وقَالَ تَعَالَى: {إِن كُلُّ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ إِلَّآ ءَاتِي ٱلرَّحۡمَٰنِ عَبۡدٗا [مريم: 93] .

وذكَرَ رحمه الله آياتٍ فِي هَذَا المَعْنى، ثُمَّ قَالَ: فاللهُ سُبْحانَه هو المُستَحِقُّ أنْ يُعْبَدَ لذَاتِه. قَالَ تَعَالَى: {ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ [الفاتحة: 2] ، فذكَرَ الحمدَ بالألِفِ واللاَّمِ الَّتِي تقْتَضِي الاسْتِغْرَاقَ لجَمِيعِ


الشرح

([1])أخرجه: البخاري رقم (447)، ومسلم رقم (86).