×
أضواء من فتاوى ابن تيمية الجزء الأول

يُفْضِي إِلَى طَمَعٍ فِيهِ حَتَّى يُستَعَانُ به فِي معصِيَةٍ أو يُمْنَعُ من طاعَةٍ فتِلْكَ مفَاسِدُ أُخَرُ؛ فإِنَّهم لا يتمكَّنُونَ هم من استعَمَالِه فِي المعصيةِ إلاَّ مع ذُلِّه أو فَقْرِه؛ فإِنَّ العطاءَ يحْتَاجُ إِلَى جزَاءٍ ومُقَابلَةٍ.

وَكَمَا أنَّ فِي أخذِهِ من أموَالِ النَّاسِ هَذِهِ المفَاسدَ: مُجَارَاتُهم عَلَى أهْوَائِهم المُحرَّمَةِ، وتركُ واجِبِ الأمْرِ بالمَعرُوفِ والنَّهيِ عَنِ المُنكَرِ، والذِّلَّةُ للنَّاسِ.

فقَدْ بيَّنَ رحمه الله أَنَّه قَدْ يَكُونُ فِي تركِ الأخذِ أيضًا مفَاسِدٌ، منها التَّكبُّرُ والاستِعْلاَءُ؛ ومنها الامتناعُ مِنَ الإحسانِ إليهم فإِنَّه إِذَا لم يَأْخُذْ مِنْهُم لم يُعْطِهِم ويُحْسِنْ إليهم من بَابِ المُقَابلَةِ والمكَافأَةِ.

قَالَ رحمه الله : وقَدْ يتْرُكُه - أي: الأخْذ - لمَضرَّةِ النَّاسِ، أو لتَركِ منفَعَتِهم، فهَذَا مذمومٌ، وقَدْ يَكُونُ فِي التَّركِ أيضًا مضرَّةُ نِفْسِه، أو تركِ منفَعَتِها، إمَّا بأَنَّه يَكُونُ مُحتَاجًا إليه فيضُرُّه ترْكُه، أو يَكُونُ فِي أخذِهِ وصَرفِه منفَعَةٌ له فِي الدِّينِ والدُّنيا.

·        وممَّا تقدَّمَ يتبيَّنُ لنَا: أَنَّ الشِّرْكَ أنواعٌ:

الأَوَّلُ: الشِّركُ الظَّاهِرُ: وهُوَ صرفُ شَيْءٍ من أنْواعِ العبَادَةِ لغَيرِ اللهِ كالذَّبحِ والنَّذْرِ للقُبورِ والاستِغَاثَةِ بالأمْوَاتِ والغَائِبينَ مِنَ الجِنِّ والشَّياطِينِ.

الثَّانِي: شِرْكُ الطَّاعةِ: وهُوَ طاعَةُ العلمَاءِ والأمرَاءِ فِي استِحْلالِ ما حرَّمَ اللهُ أو تحْرِيمِ ما أحَلَّهُ.

والثَّالثُ: شِركُ الإيمَانِ والقَبولِ: وهُوَ التَّصدِيقُ بالأَقْوَالِ المُنحرفَةِ وقبولِهَا كَمَا قَالَتِ الفَلاسِفَةُ والمُخرِّفُونَ والمُنحَرِفُونَ والمُعطِّلَةُ للأسمَاءِ والصِّفَاتِ مِنَ الجهْمِيَّةِ والمُعتزلَةِ والأشاعِرَةِ والإعْرَاضِ عن قَبولِ مقَالاتِ الأنبِيَاءِ واتِّباعِهم.


الشرح