×
أضواء من فتاوى ابن تيمية الجزء الأول

 نَفْيٍ وإثبَاتٍ، ومن رَدَّ خَبرَهَ تعْظِيمًا له أشْبَه النَّصَارَى الَّذِينَ كذَّبُوا المَسِيحَ فِي إِخْبَارِه عن نَفْسِه بالعُبُودِيَّةِ تعظيمًا له؛ فنفَى ما نفَاهُ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم ، ولَيْسَ لأحدٍ أن يُقابِلَ نَفْيَهُ بنَقِيضِ ذَلِكَ البتَّةَ.

يعني رحمه الله : أَنَّ الرَّسُولَ صلى الله عليه وسلم نفَى أنْ يُستَغَاثَ به فلا يَجوزُ لنا أن نُخَالِفَ نَفْيَه ونَستَغِيثَ به؛ لأنَّ هَذَا مَعصِيَةٌ له ومعَارضَةٌ له فيما قَالَ.

وقَدْ تحصَّلَ من كلامِ الشَّيْخِ رحمه الله : أَنَّ الاستِغَاثَةِ بالمَخْلُوقِ عَلَى نَوعَينِ:

النَّوع الأَوَّل: الاستِغَاثَةُ بالمخْلُوقِ فيمَا يقْدِرُ عَلَيْه فِي حيَاتِه فهَذِهِ جائزةٌ كاستِغَاثَةِ المَظلُومِ بمَن يُنَاصِرُه عَلَى ظَالِمِه ويَدْفُع عنه الظُّلمَ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى عن كَلِيمِه مُوسَى عليه الصلاة والسلام: {فَٱسۡتَغَٰثَهُ ٱلَّذِي مِن شِيعَتِهِۦ عَلَى ٱلَّذِي مِنۡ عَدُوِّهِۦ فَوَكَزَهُۥ مُوسَىٰ فَقَضَىٰ عَلَيۡهِۖ [القصص: 15] .

والنَّوْع الثَّانِي: الاستِغَاثَةُ بالمَخْلُوقِ فيمَا لا يَقْدِرُ عَلَيْه إلاَّ الله؛ فهَذِهِ محرَّمةٌ وهي شِرْكٌ أكْبَرُ.

قَالَ الشَّيْخُ رحمه الله : والاستغَاثَةُ بمَعْنى أنْ يَطْلُبَ مِنَ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم ، يعنِي: فِي حيَاتِه ما هو اللاَّئِقُ بمنصِبِه لا يُنازِعُ فِيهَا مُسْلِمٌ، وأَمَّا بالمَعنى الَّذِي نفَاهُ الرَّسُولُ فَهُوَ أيضًا ممَّا يَجِبُ نفْيُها، ومن أثبَتَ لغَيْرِ اللهِ ما لا يَكُونُ إلاَّ للهِ فَهُوَ كافرٌ، إِذَا قامَتْ عَلَيْه الحُجَّةُ الَّتِي يكْفُرُ تَارِكُها، ولهَذَا لا يعرفُ عن أحدٍ مِنَ المُسْلِمينَ أَنَّه جوَّزَ مُطْلَقَ الاستِغَاثَةِ بغَيرِ اللهِ ولا أنكَرَ عَلَى من نفَى مُطلَق الاستِغَاثَةِ عن غيرِ اللهِ.

قَالَ: وقَدْ يَكُونُ من كلامِ اللهِ ورسُولِهِ عبارَةٌ لها معنًى صَحِيحٌ لكِن بعْضُ النَّاسِ يَفْهَمُ من تِلْكَ غير مُرادِ اللهِ ورَسُولِه فهَذَا يُرَدُّ عَلَيْه فهمه، كَمَا روَى الطَّبرانِيُّ فِي «معجمه الكبير»: أَنَّه كَانَ فِي زمَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم 


الشرح