×
أضواء من فتاوى ابن تيمية الجزء الأول

وأَمَّا نَفْيُ الشَّفاعَةِ بدُونِ إِذْنِه؛ فإِنَّ الشَّفاعَةَ إِذَا كَانَتْ بإذْنِهِ لم تَكُن من دُونِه، كَمَا أَنَّ الولاَيَةُ الَّتِي بإِذْنِه لَيسَتْ من دُونِه، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَيُؤۡتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَهُمۡ رَٰكِعُونَ [المائدة: 55] ، {وَمَن يَتَوَلَّ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ فَإِنَّ حِزۡبَ ٱللَّهِ هُمُ ٱلۡغَٰلِبُونَ [المائدة: 56] وأيضًا فقَدْ قَالَ: {أَمِ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ شُفَعَآءَۚ قُلۡ أَوَلَوۡ كَانُواْ لَا يَمۡلِكُونَ شَيۡ‍ٔٗا وَلَا يَعۡقِلُونَ ٤٣ قُل لِّلَّهِ ٱلشَّفَٰعَةُ جَمِيعٗاۖ لَّهُۥ مُلۡكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ ثُمَّ إِلَيۡهِ تُرۡجَعُونَ ٤٤ [الزمر: 43- 44] ، فذَمَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا من دُونِ اللهِ شُفعَاءَ وأخبَرَ أنَّ للهِ الشَّفاعَةَ جميعًا؛ فعُلِمَ أَنَّ الشَّفاعةَ منتَفِيَةٌ عن غَيرِهِ؛ إذْ لا يشْفَعُ أحدٌ إلاَّ بإِذْنِه، وقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَيَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمۡ وَلَا يَنفَعُهُمۡ وَيَقُولُونَ هَٰٓؤُلَآءِ شُفَعَٰٓؤُنَا عِندَ ٱللَّهِۚ قُلۡ أَتُنَبِّ‍ُٔونَ ٱللَّهَ بِمَا لَا يَعۡلَمُ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَلَا فِي ٱلۡأَرۡضِۚ سُبۡحَٰنَهُۥ وَتَعَٰلَىٰ عَمَّا يُشۡرِكُونَ [يونس: 18] ، ومِمَّا يوضِّحُ ذَلِكَ أَنَّه نفَى يَومَئِذٍ الخُلَّةَ بقولِهِ: {مِّن قَبۡلِ أَن يَأۡتِيَ يَوۡمٞ لَّا بَيۡعٞ فِيهِ وَلَا خُلَّةٞ وَلَا شَفَٰعَةٞۗ وَٱلۡكَٰفِرُونَ هُمُ ٱلظَّٰلِمُونَ [البقرة: 254] ، ومعلومٌ أَنَّه إِنَّمَا نفى الخلَّةَ المَعْرُوفَةَ ونفْعَهَا المَعْرُوفَ كَمَا ينفعُ الصَدِيقُ الصَدِيقَ فِي الدُّنْيَا، كَمَا قَالَ: {وَمَآ أَدۡرَىٰكَ مَا يَوۡمُ ٱلدِّينِ ١٧ثُمَّ مَآ أَدۡرَىٰكَ مَا يَوۡمُ ٱلدِّينِ ١٨يَوۡمَ لَا تَمۡلِكُ نَفۡسٞ لِّنَفۡسٖ شَيۡ‍ٔٗاۖ وَٱلۡأَمۡرُ يَوۡمَئِذٖ لِّلَّهِ ١٩ [الانفطار: 17- 19] ، وقالَ: {رَفِيعُ ٱلدَّرَجَٰتِ ذُو ٱلۡعَرۡشِ يُلۡقِي ٱلرُّوحَ مِنۡ أَمۡرِهِۦ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ مِنۡ عِبَادِهِۦ لِيُنذِرَ يَوۡمَ ٱلتَّلَاقِ ١٥ يَوۡمَ هُم بَٰرِزُونَۖ لَا يَخۡفَىٰ عَلَى ٱللَّهِ مِنۡهُمۡ شَيۡءٞۚ لِّمَنِ ٱلۡمُلۡكُ ٱلۡيَوۡمَۖ لِلَّهِ ٱلۡوَٰحِدِ ٱلۡقَهَّارِ ١٦ [غافر: 15- 16] ؛ لم يَنفِ أنْ يَكُون فِي الآخِرَةِ خُلَّةٌ نافِعَةٌ بإِذْنِه فإِنَّه قَدْ قَالَ: {ٱلۡأَخِلَّآءُ يَوۡمَئِذِۢ بَعۡضُهُمۡ لِبَعۡضٍ عَدُوٌّ إِلَّا ٱلۡمُتَّقِينَ ٦٧يَٰعِبَادِ لَا خَوۡفٌ عَلَيۡكُمُ ٱلۡيَوۡمَ وَلَآ أَنتُمۡ تَحۡزَنُونَ ٦٨ [الزخرف: 67- 68] الآياتُ.


الشرح