×
أضواء من فتاوى ابن تيمية الجزء الأول

فأجابَ بقَولِهِ: الحَمدُ للهِ رَبِّ العَالمِينَ، إن أَرادَ بذَلِكَ أَنَّه لا بُدَّ من واسِطَةٍ تبلِّغُنَا أمْرَ اللهِ فهَذَا حَقٌّ؛ فإِنَّ الخلقَ لا يعْلَمُون ما يُحِبُّه اللهُ ويرضَاه، وما أمرَ به وما نَهَى عنه، وما أعَدَّهُ لأَولِيَائِه من كَرَامَتِه، وما وعدَ به أعدَاءَه من عذَابِه، ولا يعْرِفُون ما يستَحِقُّه اللهُ تَعَالَى من أسْمَائِه الحُسْنَى وصفَاتِه العليَا الَّتِي تعجَزُ العقُولُ عن مَعرِفَتِهَا، وأمثالِ ذَلِكَ، إلاَّ بالرُّسُلِ الَّذِينَ أرسَلَهُمُ اللهُ إِلَى عبَادِه، فالمُؤمِنُونَ بالرُّسُلِ المتَّبِعُونَ لهُم هُمُ المُهتَدُونَ الَّذِينَ يُقَرِّبُهم إليه زُلْفَى، ويرفعُ درجَاتِهم ويُكْرِمُهم فِي الدُّنْيَا والآخِرَةِ، وأَمَّا المُخَالِفُون للرُّسُلِ فإِنَّهم مَلعُونُون وَهُمْ عن رَبِّهِم مَحجُوبُونَ ضَالُّونَ، قَالَ تَعَالَى: {يَٰبَنِيٓ ءَادَمَ إِمَّا يَأۡتِيَنَّكُمۡ رُسُلٞ مِّنكُمۡ يَقُصُّونَ عَلَيۡكُمۡ ءَايَٰتِي فَمَنِ ٱتَّقَىٰ وَأَصۡلَحَ فَلَا خَوۡفٌ عَلَيۡهِمۡ وَلَا هُمۡ يَحۡزَنُونَ ٣٥ وَٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِ‍َٔايَٰتِنَا وَٱسۡتَكۡبَرُواْ عَنۡهَآ أُوْلَٰٓئِكَ أَصۡحَٰبُ ٱلنَّارِۖ هُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ ٣٦ [الأعراف: 35- 36] ، وقَالَ تَعَالَى: {قَالَ ٱهۡبِطَا مِنۡهَا جَمِيعَۢاۖ بَعۡضُكُمۡ لِبَعۡضٍ عَدُوّٞۖ فَإِمَّا يَأۡتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدٗى فَمَنِ ٱتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشۡقَىٰ ١٢٣قَالَ كَذَٰلِكَ أَتَتۡكَ ءَايَٰتُنَا فَنَسِيتَهَاۖ وَكَذَٰلِكَ ٱلۡيَوۡمَ تُنسَىٰ ١٢٦قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرۡتَنِيٓ أَعۡمَىٰ وَقَدۡ كُنتُ بَصِيرٗا ١٢٥وَمَنۡ أَعۡرَضَ عَن ذِكۡرِي فَإِنَّ لَهُۥ مَعِيشَةٗ ضَنكٗا وَنَحۡشُرُهُۥ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ أَعۡمَىٰ ١٢٤ [طه: 123- 126] ، قَالَ ابنُ عبَّاسٍ: تكفَّلَ اللهُ لمَنْ قرَأَ وعمِلَ بما فِيهِ أن لا يَضِلَّ فِي الدُّنْيَا ولا يَشْقَى فِي الآخِرَةِ، وقَالَ تَعَالَى عَن أَهْلِ النَّارِ: {تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ ٱلۡغَيۡظِۖ كُلَّمَآ أُلۡقِيَ فِيهَا فَوۡجٞ سَأَلَهُمۡ خَزَنَتُهَآ أَلَمۡ يَأۡتِكُمۡ نَذِيرٞ ٨قَالُواْ بَلَىٰ قَدۡ جَآءَنَا نَذِيرٞ فَكَذَّبۡنَا وَقُلۡنَا مَا نَزَّلَ ٱللَّهُ مِن شَيۡءٍ إِنۡ أَنتُمۡ إِلَّا فِي ضَلَٰلٖ كَبِيرٖ ٩ [الملك: 8- 9] إِلَى أنْ قَالَ: وهَذَا ممَّا أجمَعَ عَلَيْه جَمِيعُ أهْلِ المِلَلِ مِنَ المُسْلِمينَ واليهُودِ والنَّصارَى فإِنَّهم يُثْبِتُونَ الوسَائِطَ بينَ اللهِ وبينَ عبَادِه وَهُمُ الرُّسُلُ الَّذِينَ بلَّغُوا عَنِ اللهِ أمرَهُ وخبَرَهُ، قَالَ تَعَالَى: {ٱللَّهُ يَصۡطَفِي مِنَ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةِ رُسُلٗا وَمِنَ ٱلنَّاسِۚ [الحج: 75] ،


الشرح