×
أضواء من فتاوى ابن تيمية الجزء الأول

 إلاَّ بأَعْوَانٍ يُعِينُونه، فلا بُدَّ له من أنصَارٍ وأعوانٍ لذُلِّه وعجْزِهِ، واللهُ سُبْحانَه لَيْسَ له ظَهيرٌ ولا ولِيٌّ مِنَ الذُّلِّ، قَالَ تَعَالَى: {قُلِ ٱدۡعُواْ ٱلَّذِينَ زَعَمۡتُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ لَا يَمۡلِكُونَ مِثۡقَالَ ذَرَّةٖ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَلَا فِي ٱلۡأَرۡضِ وَمَا لَهُمۡ فِيهِمَا مِن شِرۡكٖ وَمَا لَهُۥ مِنۡهُم مِّن ظَهِيرٖ [سبأ: 22] ، وقَالَ تَعَالَى: {وَقُلِ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِي لَمۡ يَتَّخِذۡ وَلَدٗا وَلَمۡ يَكُن لَّهُۥ شَرِيكٞ فِي ٱلۡمُلۡكِ وَلَمۡ يَكُن لَّهُۥ وَلِيّٞ مِّنَ ٱلذُّلِّۖ وَكَبِّرۡهُ تَكۡبِيرَۢا [الإسراء: 111] ، وكلُّ ما فِي الوُجودِ مِنَ الأسبَابِ فَهُوَ خالِقُهُ ورَبُّه ومَلِيكُه فَهُوَ الغَنِيُّ عن كُلِّ ما سِوَاهُ، وكُلُّ ما سِوَاهُ فَقِيرٌ إليه بخِلاَفِ المُلوكِ المُحتَاجِينَ إلى ظُهَرائِهم وَهُمْ فِي الحقِيقَةِ شُركَاؤُهم فِي المُلكِ، واللهُ تَعَالَى لَيْسَ له شريكٌ فِي الملكِ، بل لا إله إلاَّ الله وحدَهُ لا شَرِيكَ له، له المُلْكُ وله الحمْدُ وهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قديرٌ.

والوَجْهُ الثَّالثُ: أن يَكُونَ المَلِكُ لَيْسَ مريدًا لنفْعِ رعِيَّتِه والإحْسَانِ إليهم ورَحْمَتِهم إلاَّ بمُحَرِّكٍ يحرِّكُه من خَارجٍ، فإِذَا خاطَبَ المَلِكُ من ينصَحُهُ و يعَظِّمُه أو من يَدلُّ عَلَيْه بحَيْثُ يَكُونُ يرجُوه ويخَافُه؛ تحرَّكَتْ إرادَةُ المَلكِ وهِمَّتُه فِي قضَاءِ حَوائِجِ رَعِيَّتِه، إمَّا لما حَصَلَ فِي قلْبِه من كلامِ النَّاصِحِ والواعِظِ المُشيرِ، وإمَّا لمَا يحصلُ مِنَ الرَّغبةِ أو الرَّهبَةِ من كلاَمِ المدلّ عَلَيْه.

واللهُ تَعَالَى هُو رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ ومليكُهُ، وهُوَ أرحَمُ بعبَادِهِ مِنَ الوَالدَةِ بولَدِهَا، وكُلُّ الأشيَاءِ إِنَّمَا تَكُونُ بمشِيئَتِه فمَا شاءَ كَانَ وما لَمْ يشَأْ لَمْ يَكُنْ، وهُوَ إِذَا نفَعَ العبَادَ بعضهم عَلَى بعضٍ فجعلَ هَذَا يحسِنُ إلى هَذَا ويَدْعُو له ويَشفَعُ فِيهِ، ونحو ذَلِكَ؛ فَهُوَ الَّذِي خلَقَ ذَلِكَ كُلَّهُ وهُوَ الَّذِي خلقَ فِي قلبِ هَذَا المحسنِ الدَّاعي الشَّافع إرادَةَ الإحسانِ والدُّعاءِ والشَّفاعَةِ، ولا يجُوزُ أنْ يَكُونَ فِي الوُجودِ من يُكْرِهُهُ عَلَى خِلاَفِ


الشرح