×
أضواء من فتاوى ابن تيمية الجزء الأول

 الاستغفارِ لعمِّهِ أبي طالبٍ، ومنعَ إبراهيمَ عليه الصلاة والسلام منَ الاستغفارِ لأبيِهِ، وأوردَ الآيةَ الكريمةَ وهي قولُهُ تَعَالَى: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَن يَسۡتَغۡفِرُواْ لِلۡمُشۡرِكِينَ وَلَوۡ كَانُوٓاْ أُوْلِي قُرۡبَىٰ مِنۢ بَعۡدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمۡ أَنَّهُمۡ أَصۡحَٰبُ ٱلۡجَحِيمِ [التوبة: 113] ، ثُمَّ قَالَ رحمه الله : « فلفظِ التَّوسُّلِ يرادُ به ثلاثةُ معانٍ:

إحداها: التَّوسُّلُ بطاعتِهِ فهَذَا فرضٌ لا يتمُّ الإيمانُ إلاَّ بِهِ.

الثَّانِي: التَّوسُّلُ بدعائِهِ وشفاعتِهِ، وهَذَا كَانَ فِي حياتِهِ صلى الله عليه وسلم ويَكُونُ يومَ القيامةِ؛ يتوسَّلونَ بشفاعتِهِ.

والثالثُ: التَّوسُّلُ بمعنى الإقسامِ عَلَى اللهِ بذاتِهِ صلى الله عليه وسلم والسُّؤالِ بذاتِهِ؛ فهَذَا هو الَّذِي لَمْ يَكُنِ الصَّحابةُ يفعلونَهُ فِي الاستِسْقَاءِ ونحوهِ لا فِي حياتِهِ ولا بعدَ مماتِهِ، لا عندَ قبْرِهِ ولا غير قبْرِهِ، ولا يُعْرَفُ هَذَا فِي شَيْءٍ منَ الأدعيةِ المشهورةِ بَيْنَهُم، وإِنَّمَا يُنقلُ شيءٌ من ذَلِكَ فِي أحاديثَ ضعيفةٍ مرفوعةٍ و موقوفةٍ، أوعن من لَيْسَ قولُهُ حجَّةً، وهَذَا هوَ الَّذِي قَالَ عنه أبو حنيفةَ وأصحابِهِ: لا يجوزُ ونَهوا عنهُ، حيثُ قَالُوا: لا يُسألُ بمخلوقٍ، ولا يَقُولُ أحدٌ: أسألُكَ بحقِّ نبيِّكَ، وقَالَ أبو الحسينِ القدوريُّ: المسألةُ بخلقِهِ لا تجوزُ؛ لأَنَّهُ لاحقَّ للخلقِ عَلَى الخالقِ، فلا تجوزُ وفاقًا.

قَالَ الشَّيْخُ رحمه الله : ومنْ أطاعَ أمرَهُمْ الَّذِي بلَّغوهُ عَنِ اللهِ كَانَ سعيدًا، ولكنْ لَيْسَ نفسَ مجرَّدِ قدرهِمْ وجاهِهِمْ ممَّا يقتضي إجابةُ دعائِهِ إِذَا سألَ اللهَ بهِم حَتَّى يسألَ اللهَ بذلكَ، بل جاههُمْ ينفعُهُ إِذَا اتَّبعَهُم وأطاعَهُم فيما أمروا بِهِ عَنِ اللهِ أو تأسَّى بهِم فيما سنُّوهُ للمؤمنينَ، وينفعُهُ أيضًا إِذَا دعوْهُ وشُفِّعُوا فِيهِ، فأمَّا إِذَا لَمْ يَكُنْ منهمْ دعاءٌ، ولا شفاعَةٌ، ولا منه 


الشرح