هبْ أَنَّه
يَجوزُ أنْ يَعنِي باليَدِ حقِيقَةَ اليَدِ، وأن يعني بها القُدْرَةَ أو
النِّعْمَةَ أو يجعَلْ ذِكْرَهَا كِنَايَةً عَنِ الفِعْلِ، لكن ما المُوجِبُ
لصَرْفِهَا عَنِ الحقِيقَةِ؛ فإن قُلْتَ: لأَنَّ اليَدَ هِي الجَارِحَةُ، وَذَلِكَ
ممْتَنَعٌ عَنِ اللهِ سُبْحانَه؛ قُلت: هَذَا ونَحْوُه يُوجِبُ امتِنَاع وَصْفِه
بأَنَّ له يدًا من جِنْسِ أيدِي المَخْلُوقِينَ وهَذَا لارَيبَ فِيهِ، لكِن لمَّا
لا يَجُوزُ أنْ يَكُونَ له «يَدٌ» تُنَاسِبُ ذَاته تستحِقُّ من صِفَاتِ الكمَالِ
ما تستحقُّ الذَّات؟
قَالَ: لَيْسَ
فِي العقلِ والسَّمعِ ما يحيلُ هذا.
قلت: فإِذَا
كَانَ هَذَا ممكِنًا وهو حَقِيقَةُ اللَّفْظِ فلِمَ يُصْرَفُ عنه اللَّفظُ إِلَى
مجَازِه؟ وكلُّ ما يَذْكُرُه الخَصْمُ من دَليلٍ يَدلُّ عَلَى امتِنَاعِ وَصْفِه
بما يسمَّى به وصحَّتِ الدَّلالَةُ سُلِّمَ له أَنَّ المَعنى الَّذِي يستَحِقُّه
المَخلُوقُ منتفٍ عنه، وإِنَّمَا حقِيقَةُ اللَّفظِ و ظَاهِرُه «يَد» يستحِقُّهَا
الخَالِقُ كالعِلْمِ والقُدْرَةِ، بل كالذَّاتِ والوُجُودِ.
وقلتُ له:
بلغَكَ أنَّ فِي كِتَابِ اللهِ أو فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم
أو عَن أحَدٍ من أئِمَّةِ المُسلِمِينَ أَنَّهم قَالُوا: المُرادُ باليَدِ خِلاَفُ
ظَاهِرِه أو الظَّاهرُ غير مرادٍ؟ أو هَلْ فِي كِتَابِ اللهِ آيَةٌ تَدلُّ عَلَى
انتِفَاءِ وصْفِهِ باليَدِ دلالةً ظَاهِرَةً، بل أو دَلاَلةً خَفِيَّةً؟ فإنَّ
أقْصَى ما يَذْكُرُه المُتكَلِّفُ قَولُه: {قُلۡ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ﴾ [الإخلاص: 1] ، وقولُه: {لَيۡسَ كَمِثۡلِهِۦ شَيۡءٞۖ﴾ [الشورى: 11] ، وقولُه: {هَلۡ تَعۡلَمُ لَهُۥ سَمِيّٗا﴾ [مريم: 65] ، وهَؤُلاَءِ الآياتُ إِنَّمَا يدْلُلْنَ
عَلَى انتِفَاءِ التَّجْسِيمِ والتَّشبِيهِ، أمَّا انتِفَاءُ يَدٍ تَلِيقُ
بجَلالهِ فلَيْسَ فِي الكلامِ ما يَدُلُّ عَلَيْه بوجْهٍ من الوُجُوهِ.
وكذَلِكَ هلْ
فِي الفِعْلِ ما يَدُلُّ دلالَةٍ ظَاهِرَةٍ عَلَى أَنَّ البَارِي لا يَدَ لهُ
البتَّةَ لا يَدًا تَلِيقُ بجَلاَلِه ولاَ يدًا تُناسِبُ المحْدَثاتِ؟ وهَل فِيهِ
ما يَدلُّ
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد