أو الاثْنَينِ فِي الوَاحِدِ فلا أصْلَ لَه؛
لأَنَّ هَذِهِ الألفاظَ عَددٌ وهِيَ نصُوصٌ فِي معنَاهَا لا يُتجَوَّزُ بها، ولا
يجُوزُ أنْ يُقَالَ: عِندِي رَجُلٌ، ومَعِي رَجُلَينِ، ولا عِندِي رَجُلاَنِ،
ويعني به: الجِنسَ؛ لأَنَّ اسْمَ الواحدِ يدلُّ عَلَى الجنسِ والجنسُ فِيهِ
شيَاعٌ، وكذَلِكَ اسمُ الجَمِيعِ فِي معنى الجِنسِ، والجنسُ يحصُلُ بحُصُولِ الوَاحِدِ،
فقولُهُ: {لِمَا خَلَقۡتُ بِيَدَيَّۖ﴾ [ص: 75] ؛ لا يجوزُ أنْ يُرَادَ به القُدْرَةِ؛
لأَنَّ القُدْرةَ صِفَةٌ وَاحِدَةٌ، ولا يَجُوزُ أنْ يُعبَّرَ بالاثْنَيْنِ عَنِ
الوَاحِدِ، ولا يَجُوزُ أنْ يُرَادَ به النِّعْمَة؛ لأَنَّ نِعَمَ اللهِ لا
تُحْصَى، فلا يَجُوزُ أنْ يُعَبَّرَ عَنِ النِّعَمِ الَّتِي لا تُحْصَى بصِيغَةِ
التَّثنِيَةِ.
ولا يَجوزُ أنْ
يَكُونَ «لمَا خَلَقْتُ أنا» لأَنَّهم إِذَا أرَادُوا ذَلِكَ أضَافُوا الفِعْلَ
إِلَى اليَدِ، فتَكُون إضافَتَهُ إِلَى اليَدِ إضَافَة لَه إِلَى الفِعْلِ
كقَوْلِهِ: {بِمَا قَدَّمَتۡ يَدَاكَ﴾ [الحج: 10] ، {قَدَّمَتۡ أَيۡدِيكُمۡ﴾ [آل عمران: 182]
، ومنه قولُهُ: {مِّمَّا عَمِلَتۡ أَيۡدِينَآ
أَنۡعَٰمٗا﴾ [يس: 71] .
أمَّا إِذَا أضَافَ الفِعْلَ إِلَى الفاعِلِ وعَدَّى الفِعْلَ إِلَى اليَدِ بحَرْفِ البَاءِ كقَوْلِهِ: {لِمَا خَلَقۡتُ بِيَدَيَّۖ﴾ [ص: 75] ؛ فإِنَّه نصٌّ فِي أَنَّه فَعَلَ الفِعْلَ بِيَدِهِ، ولهَذَا لا يَجُوزُ لمَنْ تكَلَّمَ أو مَشَى أنْ يُقَالَ: فعَلْتَ هَذَا بيَدَيْكَ، ويقال: هَذَا فعَلَتْهُ يدَاكَ؛ لأَنَّه مُجرَّدُ قولِه: فعَلَتْ كافٍ فِي الإضافَةِ إِلَى الفَاعِلِ، فلَوْ لَم يردْ أَنَّه فعَلَهُ باليدِ حقيقةً كانَ ذَلِكَ زيادَةً محضَةً من غَيرِ فائِدَةٍ، ولَسْتَ تجِدْ فِي كلاَمِ العرَبِ ولا العَجَمِ - إن شاء الله - أنَّ فَصِيحًا يَقُول: فعَلْتُ هَذَا بيَدِي، أو فُلانٌ فعَلَ هَذَا بيَدَيْهِ، إلاَّ ويَكُون فعْلُهُ بيَدَيهِ حقِيقَةً، ولا يَجُوزُ أنْ يَكُونَ لا يَدَ لَه، أو أنْ يَكُونَ لَهُ يَدٌ والفِعْلُ وقَعَ بغَيْرِهَا، وبهَذَا الفَرْقِ المُحقَّقِ تتبيَّن مواضِعَ المجَازِ ومَواضِعَ الحَقِيقَةِ ويتبيَّن أَنَّ الآيَاتِ لا تقبَلُ المَجازَ البتَّةَ من جِهَةِ نَفْسِ اللُّغَةِ.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد