فَارِغَةٌ، يرِيدُ نِصْف قُدْرَتِي ضَبْطُ أمْرِ
العِرَاقِ، ومنه قولهُ: {بِيَدِهِۦ عُقۡدَةُ ٱلنِّكَاحِۚ﴾ [البقرة: 237] ، والنِّكَاحُ كَلامٌ يقَالَ،
وإِنَّمَا معْنَاهُ: أَنَّه مقْتَدِرٌ عَلَيْه.
الثالث: وقَدْ يجعَلُونَ إضَافَةَ الفِعْلِ إليهَا إضَافَةَ
الفِعْلِ إلَى الشَّخْصِ نَفْسِه؛ لأَنَّ غَالِبَ الأفْعَالِ لمَّا كانَتِ باليَدِ
جُعِلَ ذِكْرُ اليَدِ إشَارَةً إِلَى أَنَّه فعل بنَفْسِه، قَالَ اللهُ تَعَالَى: {لَّقَدۡ سَمِعَ ٱللَّهُ قَوۡلَ ٱلَّذِينَ قَالُوٓاْ إِنَّ ٱللَّهَ فَقِيرٞ
وَنَحۡنُ أَغۡنِيَآءُۘ﴾ [آل عمران: 181]
إِلَى قوله: {ذَٰلِكَ بِمَا قَدَّمَتۡ أَيۡدِيكُمۡ﴾ [آل عمران: 182] .
الرابع: والعربُ تَقُول: يَداكَ أوكَتَا وفُوكَ نَفَخَ،
تَوبِيخًا لكُلِّ مَن جَرَّ عَلَى نَفْسِه جَريرَةً؛ لأنَّ أوَّلَ مَا قِيلَ هَذَا
لمَنْ فعَلَ بيَدِهِ وفَمِهِ.
قلتُ له: «يَقُول
الشَّيخُ لمُنَاظِرِه»: ونحْنُ لا نُنكِرُ لُغَةَ العَرَبِ الَّتِي نزَلَ بها
القُرآنُ فِي هَذَا كُلِّهِ، والمُتأَوِّلُونَ للصِّفَاتِ الَّذِينَ حرَّفُوا
الكَلِمَ عن مواضِعِهِ وألحَدُوا فِي أسْمَائِه وآيَاتِهِ تَأَوَّلُوا قَولَهُ: {بَلۡ يَدَاهُ مَبۡسُوطَتَانِ﴾ [المائدة: 64] ،
وقَولَه: {لِمَا خَلَقۡتُ بِيَدَيَّۖ﴾ [ص: 75] عَلَى هَذَا
كُلِّهِ؛ فقَالُوا: إِنَّ المُرَادَ نِعْمَتَه؛ أي: نِعْمَةَ الدُّنْيَا ونِعْمَةَ
الآخِرَةِ، وقَالُوا: بقُدْرَتِه، وقَالُوا: اللَّفْظُ كِنَايَةٌ عن نَفْيِ
الجُودِ من غَيْرِ أنْ يَكُونَ هناكَ يَدٌ حَقِيقَةً، بل هَذِهِ اللَّفظَةُ قد
صَارَتْ حَقِيقَةً فِي العَطَاءِ والجُودِ، وقولُهُ: {لِمَا خَلَقۡتُ بِيَدَيَّۖ﴾ [ص: 75] ؛ أي: خَلَقْتُهُ أنَا وإِنْ لَمْ
يَكُنْ هُناكَ يَدٌ حَقِيقَةً، قلت له: فهَذِهِ تَأْوِيلاَتِهم قَالَ: نَعم،
قُلْتُ له: فنَنْظُرُ فيمَا قدَّمْنَا:
المَقَامُ
الأَوَّلُ: أنَّ لفْظَ اليَدَيْنِ بلَفظِ التَّثنِيَةِ لَم يُستَعْمَلْ فِي
النِّعْمَةِ ولا فِي القُدرَةِ؛ لأَنَّ فِي لُغَةِ القَومِ اسْتِعْمَالُ الوَاحِدِ
فِي الجَمْعِ كقَولِهِ: {إِنَّ ٱلۡإِنسَٰنَ لَفِي خُسۡرٍ﴾ [العصر: 2] ، ولفظُ الجَمْعِ فِي الوَاحِدِ
كقَولِهِ: {ٱلَّذِينَ قَالَ لَهُمُ ٱلنَّاسُ إِنَّ ٱلنَّاسَ﴾ [آل عمران: 173] ، ولفظُ الجَمْعِ فِي
الاثْنَيْنِ كقَوْلِهِ: {صَغَتۡ قُلُوبُكُمَاۖ﴾ [التحريم: 4] ، أمَّا استِعْمالُ لفْظِ الوَاحِدِ
فِي الاثْنَينِ