×
أضواء من فتاوى ابن تيمية الجزء الأول

وقال: «الإِْيمَان: أَنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ، وَمَلاَئِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَالْيَوْمِ الآْخِرِ وَ تُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ» ([1])، والفرقُ فِي حِدِيثِ عُمَرَ الَّذِي انفَرَدَ به مُسلِمٌ، وفي حَدِيثِ أبي هُريرةَ الَّذِي اتَّفقَ البخاريُّ ومسلمٌ عَلَيْه، وكِلاَهُما فِيهِ أنَّ جِبْريلَ جاءَ فِي صُورةِ إنسَانٍ أعرَابِيٍّ فسَأَلَه، وفي حَدِيثِ عُمَرَ أَنَّه جاءَهُ فِي صُورَةِ أعْرَابِيٍّ، وكذَلِكَ فسَّرَ الإِسْلاَمَ فِي حديثِ ابنِ عُمرَ المَشْهُور قَالَ: «بُنِيَ الإِْسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إلاَّ اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَإِقَامِ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَحَجِّ الْبَيْتِ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ» ([2]).

وحَدِيثُ جِبْرَائيل يبيِّنُ أَنَّ الإِسْلاَمَ المَبنِيَّ عَلَى خَمسٍ هُو الإِسْلاَمُ نَفْسُه، لَيْسَ المَبنيُّ غير المَبنيّ عَلَيْه، بل جعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الدِّينَ ثلاَثَةَ دَرجَاتٍ أعْلاَهَا الإِحْسَانُ، وأوسَطها الإيمَان، ويَلِيه الإِسْلاَمُ؛ فكُلُّ مُحْسِنٍ مُؤمِنٌ، وكُلُّ مُؤْمِنٍ مُسْلِمٌ، وليسَ كُلّ مُؤمِنٍ مُحْسِنًا، ولا كُلُّ مُسلِمٍ مُؤمنًا كَمَا سيأتي بيَانُه - إن شاء الله - فِي سَائِرِ الأحاديثِ، كالحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ حمَّادُ بن زيدٍ عن أيُّوبٍ عن أبي قِلاَبة عن رَجُلٍ من أهْلِ الشَّامِ عن أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم «قَالَ لَهُ: أَسْلِمْ تَسْلَمْ، قَالَ: وَمَا الإِْسْلاَمُ؟ قَالَ: أَنْ تُسْلِمَ قَلْبَكَ لِلهِ، وَأَنْ يَسْلَمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِكَ وَيَدِكَ، قَالَ: فَأَيُّ الإِْسْلاَمِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: الإِْيمَانُ، قَالَ: وَمَا الإِْيمَانُ؟ قَالَ: تُؤْمِنُ بِاللهِ، وَمَلاَئِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ، قَالَ: فَأَيُّ الإِْيمَانِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: الْهِجْرَةُ، قَالَ: فَمَا الْهِجْرَةُ؟ قَالَ: تَهْجُرُ السُّوءَ، قَالَ: فَأَيُّ الْهِجْرَةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: الْجِهَادُ، قَالَ: وَمَا الْجِهَادُ؟


الشرح

([1])أخرجه: البخاري رقم (50)، ومسلم رقم (8).

([2])أخرجه: البخاري رقم (8)، ومسلم رقم (16).