×
أضواء من فتاوى ابن تيمية الجزء الأول

 لَّكُم مِّن مَّا مَلَكَتۡ أَيۡمَٰنُكُم مِّن شُرَكَآءَ فِي مَا رَزَقۡنَٰكُمۡ فَأَنتُمۡ فِيهِ سَوَآءٞ تَخَافُونَهُمۡ كَخِيفَتِكُمۡ أَنفُسَكُمۡۚ [الروم: 28] .

بيَّنَ سُبْحانَه بالمثَلِ الَّذِي ضرَبَهُ لهُم أَنَّه لا ينبَغِي أن يجعلَ ممْلُوكَه شَرِيكَهُ، فقالَ: {هَل لَّكُم مِّن مَّا مَلَكَتۡ أَيۡمَٰنُكُم مِّن شُرَكَآءَ فِي مَا رَزَقۡنَٰكُمۡ فَأَنتُمۡ فِيهِ سَوَآءٞ تَخَافُونَهُمۡ كَخِيفَتِكُمۡ أَنفُسَكُمۡۚ [الروم: 28] ؛ أي: يَخَافُ أحدُكُم مَمْلُوكَه كَمَا يخَافُ بعضُكُم بعضًا، فإِذَا كَانَ أحدُكُم لا يَرْضَى أنْ يَكُونَ ممْلُوكُه شَرِيكَه فكَيفَ تَرضَونَهُ لله؟ وهَذَا كَمَا كَانُوا يَقُولون: للهِ البنَاتُ، فقَالَ تَعَالَى: {وَيَجۡعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكۡرَهُونَۚ وَتَصِفُ أَلۡسِنَتُهُمُ ٱلۡكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ ٱلۡحُسۡنَىٰۚ لَا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ ٱلنَّارَ وَأَنَّهُم مُّفۡرَطُونَ [النحل: 62] ، وقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِٱلۡأُنثَىٰ ظَلَّ وَجۡهُهُۥ مُسۡوَدّٗا وَهُوَ كَظِيمٞ ٥٨يَتَوَٰرَىٰ مِنَ ٱلۡقَوۡمِ مِن سُوٓءِ مَا بُشِّرَ بِهِۦٓۚ أَيُمۡسِكُهُۥ عَلَىٰ هُونٍ أَمۡ يَدُسُّهُۥ فِي ٱلتُّرَابِۗ أَلَا سَآءَ مَا يَحۡكُمُونَ ٥٩لِلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡأٓخِرَةِ مَثَلُ ٱلسَّوۡءِۖ وَلِلَّهِ ٱلۡمَثَلُ ٱلۡأَعۡلَىٰۚ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ ٦٠ [النحل: 58- 60] ،

ثُمَّ بيَّنَ الشَّيخُ رحمه الله أصنافَ المُشرِكِينَ الَّذِينَ وصفَهُم اللهُ ورَسُولُه بالشِّركِ فقال: أصَلُهُم صنفَانِ: قومُ نُوحٍ وقَومُ إبْراهِيمَ؛ فقَومُ نُوحٍ أصْلُ شَركِهِم العُكُوفُ عَلَى قُبورِ الصَّالحِينَ، ثُمَّ صَوَّرُوا تمَاثِيلَهم ثُمَّ عبَدُوهم، وقَومُ إبْرَاهِيمَ كَانَ أصْلُ شِركِهِم عبَادَةُ الكَواكِبِ والشَّمسِ والقَمرِ، وكُلٌّ من هَؤُلاَءِ يعبُدُونَ الجِنَّ، فإِنَّ الشَّياطِينَ قد تُخَاطِبُهم وتُعِينُهم عَلَى أشياءَ، وقَدْ يعتَقِدُون أَنَّهم يعبُدُونَ الملاَئِكَةَ، وإن كَانُوا فِي الحقِيقةِ يعبدُونَ الجِنَّ؛ فإِنَّ الجِنَّ الَّذِينَ يعِينُونَهم ويرضَونَ بشِرْكِهم، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَيَوۡمَ يَحۡشُرُهُمۡ جَمِيعٗا ثُمَّ يَقُولُ لِلۡمَلَٰٓئِكَةِ أَهَٰٓؤُلَآءِ إِيَّاكُمۡ كَانُواْ يَعۡبُدُونَ ٤٠قَالُواْ سُبۡحَٰنَكَ أَنتَ وَلِيُّنَا مِن دُونِهِمۖ بَلۡ كَانُواْ يَعۡبُدُونَ ٱلۡجِنَّۖ أَكۡثَرُهُم بِهِم مُّؤۡمِنُونَ ٤١ [سبأ: 40- 41] ، والمَلائكَةُ


الشرح