×
أضواء من فتاوى ابن تيمية الجزء الأول

 لا تُعينُهُم عَلَى الشِّركِ لا فِي المَحْيَا ولا فِي المَمَاتِ، ولا يرضَونَ بذلِكَ، ولكنَّ الشَّياطِينَ قد تُعِينُهم وتتصَوَّرُ لهُم فِي صورَةِ الآدَمِيِّينَ فيَرَونَهم بأَعْيُنِهم، ويَقُولُ أحدُهم: أنَا إبْرَاهِيمُ! أنَا المَسيحُ! أنَا مُحَمَّد! أنَا الخضِرُ! أنا أبو بكْرٍ! أنا عُمرُ! أنا عثمانُ! أنا عليّ! أنا الشَّيخُ فلان، وقَدْ يَقُول بعضُهم عن بعضٍ: هَذَا هو النَّبِيُّ فُلانٍ، أو: هَذَا هو الخضرُ! ويَكُون أُولَئكَ كُلُّهم جِنًّا يشهَدُ بعضُهُم لبعضٍ.

والجنُّ كالإنسِ؛ فمنهُمُ الكَافِرُ ومنهم الفَاسِقُ، ومنهم العَاصِي، وفيهم العَابِدُ الجَاهِلُ، فمنهم من يُحِبُّ شيخًا فيتزَيَّا فِي صُورتِه ويَقُول: أنَا فُلانٌ، ويَكُونُ ذَلِكَ فِي بريَّةٍ ومكَان قَفْرٍ فيُطْعِمُ ذَلِكَ الشَّخصَ طَعامًا ويسقِيه شَرابًا، أو يدُلُّه عَلَى الطَّرِيقِ أو يخْبِرُه ببعضِ الأمورِ الواقِعَةِ الغَائِبَةِ؛ فيظنُّ ذَلِكَ الرَّجُلُ أنَّ نفسَ الشَّيخِ المَيِّتِ أو الحَيِّ فعَلَ ذَلكَ، وقَدْ يَقُول: هَذَا سِرُّ الشَّيخِ، أو: هَذَا مَلَكٌ جاءَ عَلَى صُورَتِه، وإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ جِنِّيًّا؛ فإِنَّ الملائِكَةَ لا تُعِينُ عَلَى الشِّركِ والإِفْكِ والإثْمِ والعُدوانِ.

إِلَى أن قَالَ رحمه الله : والمشركُونَ من هَؤُلاَءِ قد يَقُولونَ: إنَّا نَستَشْفِعُ بهم؛ أي: نَطْلُبُ من الملاَئكَةِ والأنبياءِ أنْ يَشفَعُوا فإِذَا أتَينَا قَبْرَ أحَدِهِم طَلَبْنَا مِنْهُ أنْ يشْفَعَ لنَا؛ فإِذَا صوَّرْنَا تمثَالَهُ - والتَّماثِيلُ: إمَّا مُجسَّدةٌ وإمَّا تماثِيل مُصوَّرَةٌ كَمَا يصوِّرُها النَّصارَى فِي كنَائِسِهم - قَالُوا: فمقْصُودُنا بهَذِهِ التماثِيلِ تذَكُّرُ أصحَابِهَا وسِيَرِهِم، ونحْنُ نُخَاطِبُ هَذِهِ التَّمَاثيلَ ومقصُودُنَا خطَابُ أصحابِهَا ليَشْفَعُوا لنَا إِلَى اللهِ، وقَدْ يُخَاطِبُون المَيِّتَ عندَ قَبْرِه: سَلْ لي رَبَّكَ، أو يُخَاطبُونَ الحَيَّ وهُو غائِبٌ كَمَا يخاطِبُونَهُ وهو حَاضِرٌ.

إِلَى أنْ قَالَ رحمه الله : فهَذِهِ الأنواعُ من خطَابِ الملاَئِكَةِ والأنبِيَاءِ


الشرح