وطلبُ
شفَاعَتِه عندَ قَبْرِه، أو بعدَ مَوتِه؛ فهَذَا لم يفْعَلْه أحدٌ من السَّلَفِ،
ومعلومٌ أَنَّه لو كَانَ قَصْدُ الدُّعَاءِ مَشْرُوعًا لفعلَهُ الصَّحَابةُ
والتَّابِعُونَ؛ فدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أنَّ ما فِي هَذِهِ الحكايَةِ المُنقطِعَةِ
من قولِه: «استقْبِلْهُ واستَشْفِعْ به»؛ كذبٌ عَلَى مالكٍ، مخالفٌ لأقوالِهِ
وأقْوَالِ الصَّحَابِةِ والتَّابِعينَ، وأفْعَالِهم الَّتِي يفعَلُها مَالِكٌ
وأصْحَابُه، ونقَلَها سَائِرُ العلماءُ.
قَالَ
الشَّيْخُ: فإنْ دُعاءَ الملائِكَةِ والأنبِيَاءِ بعدَ مَوْتِهِم، وفي مَغِيبِهم،
وسُؤَالَهم والاستِغَاثَةَ بهم، والاستشْفَاعَ بهم فِي هَذِهِ الحَالِ ونَصْب
تمَاثِيلِهم، بمعنى طَلب الشَّفاعَةِ منهم؛ هُو من الدِّينِ الَّذِي لم يُشرعْهُ
اللهُ ولا ابتعثَ به رَسُولاً ولا أنزلَ به كِتَابا، وليسَ هُو واجبًا ولا
مستحبًّا باتِّفَاقِ المُسْلمِينَ، ولا فعَلَهُ أحدٌ من الصَّحابَةِ ولا
التَّابِعِين لهم بإِحْسَانٍ، ولا أمرَ به إمَامٌ من أئمَّةِ المُسلِمِينَ، إن
كَانَ ذَلِكَ ممَّا يفعلُهُ كثيرٌ من النَّاسِ ممَّن لَه عبَادةٌ وزُهْدٌ،
ويَذْكُرونَ فِيهِ حكاياتٍ ومنامَاتٍ؛ فهَذَا كُلُّه من الشَّيطانِ، وفيهم من
ينظِمُ القصَائِدَ فِي دُعَاءِ المَيِّتِ والاستِشفَاعِ به والاستغاثَةِ، أو
يذكُرُ ذَلِكَ فِي ضِمْنِ مديحِ الأنبِيَاءِ والصَّالِحِينَ؛ فهَذَا كُلُّه لَيْسَ
بمشرُوعٍ ولا واجِبٍ ولا مستحَبٍّ، باتِّفاقِ المسلمِينَ.
ومن تعبَّدَ
بعبادَةٍ لَيْسَت واجِبَةً ولا مستحبَّةً، وهو يعتقِدُهَا واجِبَةً أو مستحبَّةً؛
فهو مُبتَدِعٌ ضَالٌّ وبدعَتُه بدعَةٌ سيِّئَةٌ، لا بدْعَةٌ حسَنَةٌ باتِّفَاقِ
أئِمَّةِ الدِّينِ؛ فإِنَّ اللهَ لا يُعبَدُ إلاَّ بما هُو وَاجِبٌ أو مُستحَبٌّ.
وكثيرُ من
النَّاسِ يذْكُرونَ فِي هَذِهِ الأشياءِ مَنَافِعَ ومَصَالِحَ، ويحتجُّونَ عَلَيْها
بحُجَجٍ من جِهَةِ الرَّأْيِ أو الذَّوقِ، أو من جهَةِ التَّقلِيدِ والمنَامَاتِ
ونحو ذَلِكَ.
إِلَى أنْ قَالَ: وقَدْ عُلِمَ أَنَّه لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بل ولا أحَدٍ من الأنبياءِ
الصفحة 3 / 471
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد