×
أضواء من فتاوى ابن تيمية الجزء الأول

عبَادَتَهم فيَدْفَعُهم اللهُ تعالى بما يُؤَيِّدُ به الأنبِيَاءَ مِنَ الدُّعاءِ والذِّكْرِ والعبادَةِ ومن الجهادِ باليدِ؛ فكَيْفَ بمن هو دُونَ الأنبياءِ؟ فالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قمعَ شياطينَ الإنسِ والجنِّ بما أيَّدَهُ اللهُ تعالى من أنوَاعِ العُلُومِ والأعمالِ ومن أعظَمِهَا الجِهَادُ والصلاةُ؛ فمن كَانَ متَّبِعًا للأنبياءِ نصرَهُ اللهُ سُبْحَانَهُ بما نصرَ به الأنبِيَاءَ، وأَمَّا من ابْتدَعَ دينًا لَمْ يشَرِّعُوه فتركَ ما أمَرُوا به من عبَادَةِ الله وَحْدَه لا شَرِيكَ له، واتباع نبِيَّه فيما شرَعَه لأُمَّتِه، وابتدع الغُلوَّ في الأنبياءِ والصَّالحينَ والشِّرْك بهم؛ فإن هَذَا تتلاعبُ به الشياطينُ كَمَا قالَ تعالى: {إِنَّهُۥ لَيۡسَ لَهُۥ سُلۡطَٰنٌ عَلَى ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَلَىٰ رَبِّهِمۡ يَتَوَكَّلُونَ ٩٩ إِنَّمَا سُلۡطَٰنُهُۥ عَلَى ٱلَّذِينَ يَتَوَلَّوۡنَهُۥ وَٱلَّذِينَ هُم بِهِۦ مُشۡرِكُونَ ١٠٠ [النحل: 99- 100] .

***

ما طرَأَ عَلَى زيارَةِ القُبُورِ من تغَيُّيرٍ

ما زِلْنَا معه في كلاَمِهِ عَلَى زيارَةِ القبورِ، وما طرَأَ عَلَيْهَا من تَغْيِيرٍ شنيعٍ عَنِ الوجْهِ المشرُوعِ عَلَى أيدِي المخرِّفِينَ والمنحَرِفينَ، الَّذِينَ يزْعُمُونَ أنَّ الموتَى يكَلِّمُونهم، ويخْرُجونَ من قُبُورِهم لاستِقْبَالِ زَائِرِيهم، والحقيقَةُ أن الشَّياطينَ تتمَثَّلُ لهم في صورَةِ المَوتى، وتُخَاطِبُهم ليُضِلُّوهم عن سبيلِ اللهِ.

قالَ رحمه الله في هَذَا الصَّددِ: وَهَذَا كَمَا أنَّ كثيرًا مِنَ العبادِ يرَى الكعبَةَ تطوفُ به، ويرى عرشًا عظيمًا وعليه صورةٌ عظيمةٌ، ويرى أشخَاصًا تصْعَدُ وتنزِلُ فيظُنُّها ملائِكةً، ويظُنُّ أنَّ تِلْكَ الصُّورةَ هي اللهُ - تعالى وتقدَّسَ - ويكونُ ذَلِكَ شيطانًا، وقد جرت هَذِهِ القصَّةُ لغيرِ واحدٍ مِنَ النَّاسِ فمنهم من عصَمَهُ اللهُ وعرفَ أنَّهُ الشيطانُ، كالشَّيخِ عبد القَادِرِ في


الشرح