×
أضواء من فتاوى ابن تيمية الجزء الأول

{قُلِ ٱدۡعُواْ ٱلَّذِينَ زَعَمۡتُم مِّن دُونِهِۦ فَلَا يَمۡلِكُونَ كَشۡفَ ٱلضُّرِّ عَنكُمۡ وَلَا تَحۡوِيلًا ٥٦ أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ يَدۡعُونَ يَبۡتَغُونَ إِلَىٰ رَبِّهِمُ ٱلۡوَسِيلَةَ أَيُّهُمۡ أَقۡرَبُ وَيَرۡجُونَ رَحۡمَتَهُۥ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُۥٓۚ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحۡذُورٗا ٥٧ [الإسراء: 56- 57] ، ومثل هَذَا كثيرٌ في القرآنِ ينهَى أن يُدْعَى غير اللهِ لا من الملائكةِ ولا الأنبياءِ ولا غيرِهم؛ فإنَّ هَذَا شركٌ أو ذريعةٌ إِلَى الشِّرْكِ، بخلافِ ما يطلبُ من أحدِهِم في حيَاتِه مِنَ الدُّعاءِ والشَّفاعةِ فإِنَّهُ لا يُفْضِي إِلَى ذَلِكَ، فإنَّ أحدًا مِنَ الأنبياء لَمْ يُعْبَدْ في حيَاتِه بحضْرَتِه، فإِنَّهُ يَنْهَى من يفعلُ ذَلِكَ بخلافِ دُعَائهم بعد مَوْتِهم؛ فإِنَّ ذَلِكَ ذريعةٌ إِلَى الشِّرْكِ بهم، وكذلك دُعَاؤُهم في مَغِيبهم فإِنَّهُ ذريعةٌ إِلَى الشِّرْكِ؛ فإِنَّ الغائِبَ والميِّتَ لا يَنْهى عَنِ الشِّرْكِ.

قالَ رحمه الله : وإِنَّمَا ظهرتْ هَذِهِ الأحوالُ الشَّيطانِيَّةُ الَّتِي أسبابها الكفرُ والفُسوقُ والعصيانُ بحسبِ ظهورِ أسبابها، فحيثُ قَوِيَ الإيمانُ والتوحيدُ ونورُ الفرقانِ والإيمانِ، وظهرَتْ آثارُ النُّبُوَّةِ والرِّسَالةِ ضَعُفَتْ هَذِهِ الأحوالُ الشيطانيةُ، وحَيْثُ ظهَرَ الكُفْرُ والفسوقُ والعصيانُ قَوِيَتْ هَذِهِ الأحوالُ الشيطانِيَّةُ، وتكونُ الأحوالُ الشَّيطانِيَّةُ في المشركينَ الَّذِينَ لَمْ يَدْخُلوا في الإِسْلامِ أكثرَ؛ يصْعَدُ أحدُهُم في الهواءِ ويُحدِّثُ بأمورٍ غائبةٍ، وأَمَّا الدَّاخلونَ في الإسلامِ إِذَا لَمْ يحقِّقُوا التَّوحيدَ واتِّباع الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم ودعَوُا الشُّيوخَ الغَائبينَ واستَغَاثُوا بهم؛ فلهم مِنَ الأحوالِ الشَّيطانِيَّةِ نَصِيبٌ بحسبِ ما فيهم مِمَّا يُرْضِي الشَّيطان.

وقال أيضًا: وهَؤُلاَءِ الَّذِينَ يستَغِيثُون بالأمواتِ والأنبياءِ والصَّالحينَ والشُّيوخِ وأهلِ بيتِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ؛ غايَة أحدِهم أن يَجْرِيَ له بعضُ الأمورِ، أو يحْكِي لهم بعضَ هَذِهِ الأمورِ؛ فيظنُّ أنَّ ذَلِكَ كرامةً وخرقَ


الشرح