×
أضواء من فتاوى ابن تيمية الجزء الأول

مأمورٌ بإجابَةِ السَّائلِ قالَ تَعَالَى: {وَأَمَّا ٱلسَّآئِلَ فَلَا تَنۡهَرۡ [الضحى: 10] ، وقَالَ تَعَالَى: {وَٱلَّذِينَ فِيٓ أَمۡوَٰلِهِمۡ حَقّٞ مَّعۡلُومٞ [المعارج: 24] ، {لِّلسَّآئِلِ وَٱلۡمَحۡرُومِ [المعارج: 25] ، وقَالَ تَعَالَى: {فَكُلُواْ مِنۡهَا وَأَطۡعِمُواْ ٱلۡقَانِعَ وَٱلۡمُعۡتَرَّۚ [الحج: 36] ، ومنه الحديثُ: «إِنَّ أحدَكُم لَيَسْأَلُنِي الْمَسْأَلَةَ فيَخْرُجُ بها يتأَبَّطها نَارًا» ([1])، وقد يكونُ السُّؤالُ منهِيًّا عنه نَهْيَ تَحْرِيمٍ أو تَنزِيهٍ وإن كَانَ المسئولُ مَأْمُورًا بإجَابَةِ سُؤَالِه، فالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم كَانَ من كمَالِه أن يُعْطِي السَّائِلَ، وَهَذَا في حَقِّه من فضائِلِه ومنَاقِبِه، وَهُوَ واجبٌ أو مستحَبٌّ، وإن كَانَ نفسُ سؤالِ السَّائلِ منهيًّا عنه.

إِلَى أنَّ ذكرَ الشَّيخُ رحمه الله أنَّ من آدابِ المُعْطِي والمُنفِقُ أن لا يمُنَّ بعطَائِه، ولا يطلُبُ مِنَ المُعْطِي جزَاءً عَلَى ذَلِكَ مِنَ الخلقِ، قالَ: ومن الجَزَاءِ أنْ يَطْلُبَ الدُّعَاءَ، قالَ تَعَالَى عمَّن أثْنَى عَلَيْهِم: {إِنَّمَا نُطۡعِمُكُمۡ لِوَجۡهِ ٱللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمۡ جَزَآءٗ وَلَا شُكُورًا [الإنسان: 9] ، والدُّعاءُ جزاءٌ كَمَا في الحديثِ: «مَنْ أَسْدَى إِلَيْكُمْ مَعْرُوفًا فَكَافِئُوهُ، فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا مَا تُكَافِئُونَهُ فَادْعُوا اللهَ لَهُ حَتَّى تَرَوْا أَنْ قَدْ كَافَأْتُمُوهُ» ([2])، وكانت عَائِشَةُ إِذَا أرْسَلَتْ إِلَى قومٍ بصَدَقةٍ تقولُ للرَّسولِ: اسْمَعْ ما يدعون به لنا حَتَّى نَدْعُو لهم بمِثْلِ ما دعوا لنا، ويبْقَى أجْرُنا عَلَى اللهِ.

وقَالَ بعضُ السَّلَفِ إِذَا قالَ السَّائِلُ: بارَكَ اللهُ فيكَ؛ فقل: وفِيكَ بارَكَ اللهُ، فمن عَمِلَ خَيْرًا مع المخْلُوقِينَ سواء كَانَ المخلوقُ نبيًّا أو رَجُلاً صالحًا أو ملكًا مِنَ الملوكِ أو غنيًّا مِنَ الأغنياءِ، فهَذَا العامِلُ للخَيْرِ مَأْمُورٌ بأنْ يفعلَ ذَلِكَ خالصًا لوَجْهِ اللهِ يبْتَغِي به وَجْهَ اللهِ،


الشرح

([1])أخرجه: أحمد رقم (11123)، وأبو يعلى رقم (1327)، والبيهقي في «الشعب» رقم (8707).

([2])أخرجه: أبو داود رقم (1672)، والنسائي رقم (2567)، وأحمد رقم (5365).