×
أضواء من فتاوى ابن تيمية الجزء الأول

ثُمَّ ذكَرَ الشَّيخُ رحمه الله طلب الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم من عُمرَ أنْ يَدْعُو له لمَّا أرادَ العمرةَ، وأجابَ عنه بأن طلَبَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم من عُمرَ أن يَدْعو له كطَلَبِه أنْ يصلِّيَ عَلَيْهِ ويسلم عَلَيْهِ، وأن يسأَلَ اللهَ له الوَسيلَةَ والدَّرجةَ الرَّفيعَةَ؛ فمَقْصُودُه: نفْعُ المطلوبِ منه، والإحسانُ إِلَيْهِ، وَهُوَ صلى الله عليه وسلم ينتَفِعُ بتعْلِيمِهم الخَير وأمرهم به.

ومَن قالَ لغَيْرِه مِنَ النَّاسِ: ادْعُ لي أو لنَا، وقصْدُهُ أن ينتفِعَ ذَلِكَ المأْمُور بالدُّعاءِ وينتفع هُوَ أيضًا بأَمْرِه؛ فهو مقتدٍ بالنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ، وليسَ هَذَا مِنَ السُّؤالِ المرجُوح، وأَمَّا إن لَمْ يَكُنْ قصْدُه إلاَّ طلب حاجته لَمْ يقصد نفع المطلوب منه، فهَذَا لَيْسَ مِنَ المقْتَدِينَ بالرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم ، بَلْ هَذَا مِنَ السُّؤالِ المرجوحِ الَّذِي تَرْكُه إِلَى الرَّغْبَةِ إِلَى اللهِ وسُؤَالِه، أفضَلُ مِنَ الرَّغبَةِ إِلَى المخْلُوقِ وسُؤَالِه، وَهَذَا كُلُّه في سُؤالِ الأحياءِ.

وأَمَّا سؤالُ الأموَاتِ فليسَ بمَشْرُوعٍ ولَمْ يفعَلْ هَذَا أحَدٌ مِنَ الصَّحابَةِ والتَّابعين لَهُم بإِحْسَان ولا استحبَّ ذَلِكَ أحَدٌ من سلَفِ الأُمَّةِ؛ لأنَّ ذَلِكَ مفسدَةٌ راجحَةٌ، وليسَ فيه مصْلَحةٌ راجِحَةٌ، واللهُ أعلمُ.

***

الإحسَانُ إِلَى النَّاسِ

قالَ رحمه الله : ومن عبَادَةِ اللهِ الإحسانُ إِلَى النَّاسِ حَيْثُ أمرَهُمُ اللهُ سُبْحَانَهُ به كالصَّلاةِ عَلَى الجنازَةِ، وكزِيَارَةِ قُبورِ المُؤْمِنينَ والسَّلام عَلَيْهِم والدّعاء لهم، هُوَ من بابِ الإحسَانِ إِلَى المَوتَى الَّذِي هُوَ وَاجبٌ أو مستحبٌّ؛ فإِنَّ اللهَ تَعَالَى أمَرَ المُسْلِمِينَ بالصَّلاةِ والزَّكاةِ، فالصَّلاةُ حقُّ الحَقِّ في الدُّنْيَا والآخِرَةِ، والزَّكاةُ حَقُّ الخَلقِ، فالرَّسولُ أمرَ النَّاسَ بالقيَامِ بحقُوقِ اللهِ وحقوقِ عبَادِه، فاستحوَذَ الشَّيطانُ عَلَى أتْبَاعِه فجعَلَ


الشرح