وقد روَى التِّرمذِيُّ
وغيرُهُ عن عدِيِّ بن حَاتمٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّهُ قالَ: «الْيَهُودَ مَغْضُوبٌ عَلَيْهِمْ،
وَالنَّصَارَى ضَالُّونَ»، قالَ التِّرمذيُّ: حدِيثٌ صَحيحٌ ([1])، وقَالَ سفيانُ بن عُيينَة: كَانُوا يَقُولُون: من فسَدَ
من عُلَمائِنَا ففِيه شَبَهٌ مِنَ اليهودِ، ومن فَسَدَ من عُبَّادِنا ففِيه شَبَهٌ
مِنَ النَّصارَى، وكَانَ غيرُ واحدٍ مِنَ السَّلفِ يقول: احذَرُوا زَلَّةَ العالمِ
الفاجرِ، والعابِدِ الجاهِلِ، فإنَّ فتنَتَهُما فتنَةٌ لكُلِّ مفْتُونٍ.
فمن عرفَ
الحقَّ ولَمْ يعملْ به أشْبَهَ اليَهُودَ الَّذِينَ قالَ اللهُ فيهم: {أَتَأۡمُرُونَ ٱلنَّاسَ بِٱلۡبِرِّ وَتَنسَوۡنَ أَنفُسَكُمۡ وَأَنتُمۡ
تَتۡلُونَ ٱلۡكِتَٰبَۚ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ﴾ [البقرة: 44] ، ومن عبدَ اللهَ بغيرِ علمٍ، بل
بالغُلُوِّ والشِّركِ أشبه النَّصارَى الَّذِينَ قالَ اللهُ فيهم: {يَٰٓأَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ لَا تَغۡلُواْ فِي دِينِكُمۡ غَيۡرَ ٱلۡحَقِّ وَلَا
تَتَّبِعُوٓاْ أَهۡوَآءَ قَوۡمٖ قَدۡ ضَلُّواْ مِن قَبۡلُ وَأَضَلُّواْ كَثِيرٗا
وَضَلُّواْ عَن سَوَآءِ ٱلسَّبِيلِ﴾ [المائدة:
77] .
فالأَوَّلُ - يعني: الَّذِي أشبَهَ اليَهُودَ - مِنَ الغَاوينَ.
والثَّاني
- يعني: الَّذِي أشْبَهَ النَّصارَى
- مِنَ الضَّالِّينَ، فإِنَّ الغَيَّ اتِّبَاعُ الهَوَى، والضَّلال عدَم الهُدى؛
قالَ تَعَالَى: {وَٱتۡلُ عَلَيۡهِمۡ نَبَأَ ٱلَّذِيٓ
ءَاتَيۡنَٰهُ ءَايَٰتِنَا فَٱنسَلَخَ مِنۡهَا فَأَتۡبَعَهُ ٱلشَّيۡطَٰنُ فَكَانَ
مِنَ ٱلۡغَاوِينَ﴾ [الأعراف: 175] ،
انتهى كَلامُ الشَّيخِ رحمه الله .
وبه يتبيَّنُ أنَّ تَركَ الهُدَى غيٌّ، والعملَ بغيرِ هدًى ضلالٌ، وأن العملَ عَلَى هدًى هُوَ الصَّلاحُ والصِّراطُ المُسْتقِيمُ، وأكْثَرُ النَّاسِ مِنَ الصِّنفَيْنِ
([1])أخرجه: الترمذي رقم (2953)، والطيالسي في «مسنده» رقم (1135) والطبراني في «الكبير» رقم (236).
الصفحة 4 / 471
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد