الحدِيث المجهول حَاله، وَهَذَا كالإسرائيليات
يَجُوزُ أن يُرْوَى منها ما لَمْ يَعْلَمْ أنه كَذِبٌ للتَّرغِيب والتَّرهيبِ
فِيمَا عُلِمَ أنَّ اللهَ تَعَالَى أمَرَ به في شَرْعنا ونَهَى عنه في شَرْعِنا، فأمَّا
أن يَثْبُتَ شَرْعًا لنا بمجرَّدِ الإسرائيليات الَّتِي لَمْ تَثْبُت فهَذَا لا
يَقُولُه عَالِمٌ، ولا كَانَ الإمامُ أحمدُ بن حنبل ولا أَمْثَاله مِنَ الأئِمَّةِ
يعتمِدُون عَلَى مثلِ هَذِهِ الأحاديثِ في الشَّريعةِ، ومن نقل عن أَحْمَدَ أنَّهُ
كَانَ يحتجُّ بالحديثِ الضَّعيفِ الَّذِي لَيْسَ بصحيحٍ ولا حسَن فقَدْ غلط
عَلَيْهِ، لَكِن كَانَ في عُرْفِ أَحْمَدَ بنِ حنبلٍ ومن قَبْلَه مِنَ العلماء
أنَّ الحدِيثَ ينقَسِمُ إِلَى نَوعَيْنِ: صَحِيحٌ وضعيفٌ، والضَّعيفُ عندَهُم
ينقَسِمُ إِلَى ضَعِيفٍ متْرُوكٍ لا يحتجّ به وإلى ضَعيفٍ حَسَنٍ، كَمَا أن ضعْفَ
الإنسَانِ بالمَرضِ ينقَسِمُ إِلَى مرَضٍ مخوف يمْنَعُ مِنَ التبرُّعِ من رأْسِ
المالِ، وإلى ضَعيفٍ خَفِيفٍ لا يمنعُ من ذَلِكَ.
وأوَّلُ ما
عُرِفَ أنَّهُ قسَّم الحَدِيثَ إِلَى ثلاثةِ أقْسَامٍ: صَحِيحٍ وحسَنٍ وضَعيفٍ
هُوَ أبو عِيسَى التَّرْمِذِيّ في «جامعه»، والحسن عنده ما تعدَّدت طُرُقَه، ولَمْ
يَكُنْ في رُوَاتِه مُتَّهمٌ، ولَيْسَ بشَاذٍّ، فهَذَا الحديثُ وأمثَالُهُ
يسَمِّيه أَحْمَدُ ضَعِيفًا ويحتجّ به، ولِهَذَا مثَّلَ أَحْمَدُ الحِدِيثَ
الضَّعِيفَ الَّذِي يُحْتَجُّ به بحَدِيثِ عَمرِو بن شُعَيبٍ، وحديثِ إِبْرَاهِيمَ
الهجري ونحوهما.
أقول:
فتبَيَّنَ مِمَّا ذَكَره الشَّيخُ رحمه الله أنَّ الحديثَ الضَّعِيفَ يُعْملُ به
بشَرطَيْنِ:
الشَّرطُ
الأَوَّلُ: أن لا يعلم أنَّه كَذِبٌ.
الشَّرطُ الثاني: أَنْ يَكُونَ في التَّرغِيبِ والتَّرهِيبِ فِيمَا عُلِمَ أنَّ الرَّسُولَ صلى الله عليه وسلم أمرَ به أو نَهَى بحَدِيثٍ صحيحٍ؛ لأنَّ الحديثَ الضَّعِيفَ لا يثْبُتُ به إيجَابٌ ولا تَحْرِيمٌ.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد