ويضيفُ بعضُ
العُلمَاءِ شَرطًا ثالثًا: وَهُوَ أن لا يُرْوَى بصِيغَةِ الجَزْمِ بل يُقَال: رُوِيَ
عن رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم كذا، أو ما أشبه هَذِهِ العبارة.
ولكن في
وقْتِنَا هَذَا كَثُر المتطفِّلُونَ عَلَى علْمِ الحَدِيثِ فصَارُوا يحْرَمُونَ
العمَل بالحدِيثِ مُطْلقًا بل لا يُجِيزُونَ مُجَرَّد قِرَاءته، وَهَذَا خلافُ ما
عَلَيْهِ الأئِمَّة من علماءِ هَذِهِ الأُمَّةِ، وهي فِكْرَةٌ خَطِيرَةٌ يُخْشَى
أن تتَطَوَّرَ إِلَى تركِ العمَلِ بالسُّنَّةِ نِهَائيًّا كَمَا ينادِي به
أعْدَاءُ الإسْلاَمِ، والأمرُ جاءَ مِنَ التَّشدُّدِ والتَّطَفُّلِ عَلَى العلمِ،
وخيرُ الأمورِ أوسَاطُهَا.
ثُمَّ قالَ الشَّيخُ رحمه الله عَنِ الأحادِيثِ الَّتِي تُرْوَى في التَّوسُّلِ بالمَخْلُوقِين: والأحَادِيث الَّتِي تُرْوَى في هَذَا البابِ - وَهُوَ السُّؤَالُ بنَفْسِ المَخْلُوقِين - هي مِنَ الأحاديثِ الضَّعيفةِ الواهيةِ، بل المَوضُوعة، ولا يوجَدُ من أئمَّةِ الإسْلاَمِ منِ احتَجَّ بها ولا اعتَمَد عَلَيْهَا، مثل الحديث الَّذِي يُرْوَى عن عبدِ الملكِ بن هَارُون بن عَنْترة عَن أبِيهِ عن جَدِّه أنَّ أبا بكْرٍ الصِّدِّيقَ أتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: إنِّي أتعَلَّمُ القُرآنَ ويتَفَلَّتُ مِنِّي، فقَالَ له رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : «قُلْ! اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِمُحَمَّدٍ نَبِيِّكَ، وَبِإِبْرَاهِيمَ خَلِيلِكَ، وَبِمُوسَى نَجِيِّكَ، وَعِيسَى رُوحك وكَلِمَتك، وبتَورَاة مُوسَى، وإنجيل عِيسَى وزَبُورِ دَاودَ، وفُرقَانِ مُحَمَّدٍ، وبكُلِّ وَحْيٍ أَوْحَيتَه وقضَاءٍ قَضَيتَه...»، وذكر تمَامَ الحَديثِ، وَهَذَا الحديثُ ذَكرَه رزِين بن مُعَاوية العَبْدَري في «جامعه»، ونقَلَهُ ابنُ الأثيرِ في «جامعِ الأصُولِ»، ولَمْ يَعْزُه لا هَذَا ولا هَذَا إِلَى كتابٍ من كُتُبِ المُسْلِمِينَ، لكِنَّهُ قد رَوَاه من صنَّفَ في «عَمَلِ اليَومِ واللَّيةِ» كابْنِ السُّنِّيّ، وأبي نُعيمٍ، وفي مثل هَذِهِ الكُتُبِ أحاديثُ كثيرةٌ موضُوعةٌ لا يَجُوزُ الاعتِمَادُ عَلَيْهَا في الشَّريعَةِ باتِّفَاقِ العلماءِ.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد