×
أضواء من فتاوى ابن تيمية الجزء الأول

 مسألةٍ شرعِيَّةٍ باتِّفَاقِ أهلِ المعرفَةِ بحديثه، بلِ المرويُّ في ذَلِكَ إِنَّمَا يعرفُ أهلُ المعرفَةِ بالحدِيثِ أنَّهُ مِنَ المَوضُوعاتِ، إِمَّا تعمُّدًا من وَاضِعِه، وإما غلَطًا منه.

إِلَى أن قالَ الشَّيخُ رحمه الله : وفي البَابِ حكاياتٌ عَنْ بعضِ النَّاسِ أنَّهُ رَأَى منَامًا قِيلَ لَهُ فِيهِ: ادْعُ بكذَا وكذَا، ومثلُ هَذَا لا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ دليلاً باتِّفَاقِ العُلَمَاءِ، وقَدْ ذَكَرَ بَعْضُ هَذِهِ الحكاياتِ من جمَعَ الأدعيَةَ، ورُوِيَ في ذَلِكَ أثرٌ عَنْ بعضِ السَّلَفِ.

ثُمَّ قالَ الشَّيخُ: ولَيْسَ مجرَّدُ كونِ الدُّعَاءُ حصلَ به المقصود يدلُّ عَلَى أنَّهُ سائغٌ في الشريعةِ؛ فإن كثيرًا مِنَ النَّاسِ يدعُون من دُونِ اللهِ مِنَ الكواكبِ والمخْلُوقِينَ ويحْصُلُ ما يحصُلُ من غرضِهم، وبَعْضُ النَّاسِ يقصدُونَ الدُّعَاءَ عِنْدَ الأوثانِ والكنائسِ وغيرِ ذَلِكَ ويدْعُونَ التَّماثِيلَ الَّتِي في الكنَائِسِ ويحصلُ ما يحصلُ من غَرَضِهم، فحصولُ الغرضِ ببَعْضِ الأُمورِ لا يسْتَلْزِمُ إبَاحتَه، وإن كَانَ الغرضُ مُبَاحًا فإنَّ ذَلِكَ الفعلَ قد يَكُونُ فِيهِ مفسدةٌ راجحةٌ عَلَى مصلحَتِه، والشَّريعَةُ جاءَت بتَحْصِيلِ المصَالِحِ وتَكْمِيلِهَا وتعطيلِ المفاسِدِ وتقْلِيلهَا، وإلاَّ فجميعُ المحرَّماتِ مِنَ الشِّرْكِ والخمرِ والميسرِ والفواحشِ والظُّلمِ قد يحصُلُ لصاحِبِه به مَنَافُع ومقَاصِدُ لَكِن لمَّا كَانَتْ مفَاسِدُها رَاجِحَةً عَلَى مصالِحِهَا نَهَى اللهُ ورسولُه عنها، كَمَا أنَّ كثيرًا مِنَ الأمورِ كالعبادَاتِ والجِهَادِ وإنفَاقِ الأموالِ قد تَكُونُ مضرَّةً لَكِن لمَّا كَانَتْ مصْلَحَتُه راجِحَةً عَلَى مَفْسدَتِه أمرَ الشَّارِعُ به فهَذَا أصلٌ يجِبُ اعتبارُه، ولا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الشَّيءُ واجبًا أو مُستحَبًّا إلاَّ بِدَلِيلٍ شَرْعِيٍّ يقْتَضِي إيجَابُه أو اسْتِحْبَابه، والعبادَاتُ لا تَكُونُ إلاَّ واجِبَةً أو مستَحَبَّةً، فما لَيْسَ بواجِبٍ ولا مستحَبٍّ فلَيسَ


الشرح