- يعني: في
فصْلِ القضَاءِ بينهم - فلَهُ صلى الله عليه وسلم شفاعَاتٌ يختَصُّ بها لا يشركُه
فيها أحَدٌ، وشفاعاتٌ يشركه فيها غَيرُه مِنَ الأنبياءِ والصالحين، لَكِن ما لَهُ
فيها أفضلُ مِمَّا لغَيْرِه؛ فإِنَّهُ صلى الله عليه وسلم أفضلُ الخلقِ وأكْرَمُهم
عَلَى رَبِّه عز وجل وله مِنَ الفضائلِ الَّتِي ميَّزَه اللهُ بها عَلَى سائِرِ
النَّبِيِّينَ ما يضِيقُ هَذَا الموضعُ عَنْ بسْطِهِ، ومن ذَلِكَ المقامُ المحمودُ
الَّذِي يَغْبِطُه به الأوَّلُونَ والآخِرُونَ، وأَحَادِيثُ الشَّفَاعةِ كَثيرةٌ
مُتَواترةٌ، منها في «الصَّحِيحَينِ» أحاديثُ متعدِّدَةٌ وفي «السُّننِ» و«المسانيد»
مِمَّا يكْثُرُ عدَدُه.
وأَمَّا
الوَعِيديَّة مِنَ المعتزلةِ والخوارجِ فزَعَمُوا أنَّ الشفاعَةَ إِنَّمَا هي
للمُؤْمنينَ خَاصّة في رَفْعِ بَعْضِ الدَّرجَاتِ، وبعضُهُم أنكَرَ الشَّفاعَةَ
مُطْلَقًا، وأجمعَ أهلُ العلمِ عَلَى أنَّ الصَّحابَةَ كَانُوا يستشفعون به،
ويتوسَّلُونَ به في حَيَاتِه بحَضْرَتِه كَمَا ثَبَتَ في «صَحِيح البُخَارِيِّ» ([1]) عَنْ أنسِ بنِ مالكٍ أنَّ عُمرَ بنَ الخطَّابِ كَانَ
إِذَا قَحطُوا اسْتَسْقَى بالعَبَّاسِ بنِ عَبدِ المُطَّلِبِ فقَالَ: اللَّهُمَّ
إنَّا كُنَّا إِذَا أَجْدَبْنا نتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بنَبِيِّنَا فتَسْقِينَا،
وإنَّا نتوسَّلُ إِلَيْكَ بعَمِّ نبِيِّنَا فاسْقِنَا فيُسْقَونَ، وفي البُخارِيِّ
أيضًا عَنِ ابنِ عُمرَ أنَّهُ قالَ: رُبَّما ذكَرْتُ قولَ الشَّاعِرِ وأنا أنظُرُ
إِلَى وَجْهِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يستسْقِي فما ينزل حَتَّى يَجِيشُ
كُلّ مِيزَابٍ:
وَأَبْيَض
يُسْتَسْقَى الغَمَامُ بِوَجْهِهِ |
|
ثمال
اليَتَامَى عِصْمَةٌ للأَرَامِلِ ([2]) |
والتَّوسُّلُ بالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الَّذِي ذكرَهُ عُمَرُ بنُ الخطَّابِ قد جَاءَ مُفَسَّرًا في سائرِ أحاديثِ الاستسقاءِ، وَهُوَ من جنسِ الاسْتِشْفاعِ به، وَهُوَ أنْ يطلبَ
([1])أخرجه: البخاري رقم (1010).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد