×
أضواء من فتاوى ابن تيمية الجزء الأول

 وَهُوَ سيِّدُ ولَدِ آدمَ وأكرمُهم عَلَى رَبِّه عز وجل وَهُوَ إمامُ الأنبياءِ إِذَا اجتَمَعُوا وخَطِيبُهم إِذَا وَفَدُوا، ذو الجاهِ العَظِيمِ صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه، ولكن جاه المخلوقِ عِنْدَ الخالقِ تَعَالَى لَيْسَ كجَاهِ المخلوقِ عِنْدَ المخلوقِ، فإِنَّهُ لا يشفَعُ أحَدٌ عنده إلاَّ بإذْنِه {إِن كُلُّ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ إِلَّآ ءَاتِي ٱلرَّحۡمَٰنِ عَبۡدٗا ٩٣لَّقَدۡ أَحۡصَىٰهُمۡ وَعَدَّهُمۡ عَدّٗا ٩٤ [مريم: 93- 94] ، وقَالَ تَعَالَى: {لَّن يَسۡتَنكِفَ ٱلۡمَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبۡدٗا لِّلَّهِ وَلَا ٱلۡمَلَٰٓئِكَةُ ٱلۡمُقَرَّبُونَۚ وَمَن يَسۡتَنكِفۡ عَنۡ عِبَادَتِهِۦ وَيَسۡتَكۡبِرۡ فَسَيَحۡشُرُهُمۡ إِلَيۡهِ جَمِيعٗا ١٧٢فَأَمَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ فَيُوَفِّيهِمۡ أُجُورَهُمۡ وَيَزِيدُهُم مِّن فَضۡلِهِۦۖ وَأَمَّا ٱلَّذِينَ ٱسۡتَنكَفُواْ وَٱسۡتَكۡبَرُواْ فَيُعَذِّبُهُمۡ عَذَابًا أَلِيمٗا وَلَا يَجِدُونَ لَهُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ وَلِيّٗا وَلَا نَصِيرٗا ١٧٣ [النساء: 172- 173] ، والمخلوقُ يشفعُ عِنْدَ المخلُوقِ بغَيْرِ إذْنِه فهُو شَريكٌ لَهُ في حُصولِ المَطْلُوبِ، واللهُ تَعَالَى لا شَرِيكَ لَهُ كَمَا قالَ سُبْحَانَهُ: {قُلِ ٱدۡعُواْ ٱلَّذِينَ زَعَمۡتُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ لَا يَمۡلِكُونَ مِثۡقَالَ ذَرَّةٖ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَلَا فِي ٱلۡأَرۡضِ وَمَا لَهُمۡ فِيهِمَا مِن شِرۡكٖ وَمَا لَهُۥ مِنۡهُم مِّن ظَهِيرٖ ٢٢وَلَا تَنفَعُ ٱلشَّفَٰعَةُ عِندَهُۥٓ إِلَّا لِمَنۡ أَذِنَ لَهُۥۚ حَتَّىٰٓ إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمۡ قَالُواْ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمۡۖ قَالُواْ ٱلۡحَقَّۖ وَهُوَ ٱلۡعَلِيُّ ٱلۡكَبِيرُ ٢٣ [سبأ: 22- 23] .

وقَدِ استفاضَتِ الأحاديثُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّهُ نَهى عَنِ اتِّخاذِ القُبورِ مسَاجِدَ، ولعَنَ من يَفْعَلُ ذَلِكَ ونَهَى عَنِ اتِّخَاذِ قبْرِه عيدًا؛ وذَلِكَ لأنَّ أوَّلَ ما حدَث الشِّرْكُ في بني آدم كَانَ في قَوْمِ نُوحٍ، قالَ ابنُ عَبَّاسٍ: كَانَ بَيْنَ آدَمَ ونوحٍ عشرة قُرُونٍ كُلّهم عَلَى الإِسْلاَمِ ([1]).


الشرح

([1])أخرجه: الحاكم رقم (3654).