وثبتَ ذَلِكَ في «الصَّحِيحَينِ» عَنِ النَّبِيّ
صلى الله عليه وسلم أنَّهُ أوَّلُ رَسُولٍ بعَثَه اللهُ إِلَى أهلِ الأرْضِ ([1])، وقَدْ قالَ تَعَالَى عَنْ قومِه أنَّهُم قالوا: {وَقَالُواْ لَا تَذَرُنَّ ءَالِهَتَكُمۡ وَلَا تَذَرُنَّ وَدّٗا وَلَا سُوَاعٗا
وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسۡرٗا ٢٣وَقَدۡ أَضَلُّواْ كَثِيرٗاۖ وَلَا تَزِدِ ٱلظَّٰلِمِينَ
إِلَّا ضَلَٰلٗا ٢٤﴾ [نوح: 23- 24] ،
قالَ غيرُ واحدٍ مِنَ السَّلَفِ: هَؤُلاَءِ كَانُوا قومًا صَالِحِينَ في قَوْمِ
نُوحٍ فَلَمَّا ماتُوا عكفُوا عَلَى قُبُورِهم فَلَمَّا طالَ عَلَيْهِم الأمَدُ
عبَدُوهم، وقَدْ ذَكَرَ البخاريُّ في «صحيحه» ([2]) هَذَا عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ، وذكر أنَّ هَذِهِ الآلهة
صارَت إِلَى العربِ، وسمَّى قبائِلَ العرَبِ الَّذِينَ كَانَتْ فيهم هَذِهِ
الأصنامُ.
فَلَمَّا علِمَتِ
الصَّحابَةُ - رضوان الله عَلَيْهِم - أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم حسَمَ
مادَّةَ الشِّرْكِ بالنَّهْيِ عَنِ اتِّخَاذِ القُبورِ مسَاجِدَ، وكَانَ المصلِّي
يُصَلِّي للهِ عز وجل ، كَمَا نَهَى عَنِ الصَّلاَة وَقْتَ طُلُوعِ الشَّمسِ؛
لِئَلاَ يشابِهَ المصلين للشَّمْسِ، وإن كَانَ المصَلِّي إِنَّمَا يصَلِّي للهِ عز
وجل ، وكَانَ الَّذِي يقصدُ الدُّعَاء بالمَيِّتِ أو عِنْدَ قَبْرِه أقْرَبُ إِلَى
الشِّرْكِ مِنَ الَّذِي لا يقصد إلاَّ الصَّلاَة لله عز وجل لَمْ يكونوا يفعلون
ذَلِكَ.
وكَذَلِكَ عَلِمَ الصحابَةُ أنَّ التَّوسُّلَ به إِنَّمَا هُوَ بالإيمان به وطاعته ومحبَّته ومُوَالاَته أو التَّوسُّل بدُعَائِه وشفاعته؛ فلِهَذَا لَمْ يَكُونوا يتوسَّلُون بذَاتِه مُجرَّدة عَنْ هَذَا وَهَذَا، فَلَمَّا لَمْ يفعلِ الصَّحَابة - رضوان الله عَلَيْهِم - شَيئًا من ذَلِكَ ولا دعوا بمِثْلِ هَذِهِ الأدْعِيَة وَهُم أعْلَمُ مِنَّا، وأعلَمُ بما يُحِبُّ اللهُ ورَسُولُه، وأعلَمُ بما أمرَ اللهُ به ورسُولُه مِنَ الأدعيةِ وما هُوَ أقْربُ إِلَى الإجابَةِ، بل توسَّلُوا بالعبَّاسِ وغَيرِه مِمَّن لَيْسَ مثل
([1])أخرجه: البخاري رقم (6565)، ومسلم رقم (193).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد