الثِّقَاتِ في
كُتبِ أصْحَابه؛ كَمَا ذكَرَه إسْمَاعِيلُ بن إِسْحاقَ القَاضي وغيره، مثل ما
ذَكَرُوا عنه أنَّهُ سُئِلَ عَنْ أقوامٍ يُطِيلُون القِيَامَ مستقبلي الحُجرَة
يَدْعُون لأَنفُسِهم فأَنكَرَ مالكٌ ذَلِكَ، وذكر أنَّهُ مِنَ البدع الَّتِي لَمْ
يفعلها الصَّحابة والتابعون لهم بإحسانٍ، وقَالَ: لا يصلحُ آخِرُ هَذِهِ الأُمَّةِ
إلاَّ ما أَصْلح أوَّلها، ولا ريبَ أنَّ الأمرَ كَمَا قالَ مالكٌ، فإِنَّ الآثارَ
المتواترةَ عَنِ الصحابةِ والتابعين تُبَيِّنُ أن هَذَا لَمْ يَكُنْ من عَملِهِم
وعَادَتِهم، ولو كَانَ استِقْبَالُ الحجرةِ عِنْدَ الدُّعَاءِ مشروعًا لكَانُوا هم
أَعْلَمُ بذلك وكَانُوا أسبقَ إِلَيْهِ ممَّن بعْدَهُم.
والدَّاعِي يدعو اللهَ وحده، وقَدْ نُهِيَ عَنِ استقْبَالِ الحُجرَةِ عِنْدَ دُعَائه لله تَعَالَى كَمَا نُهِيَ عَنِ استقبالِ الحجرَةِ عِنْدَ الصَّلاَة لله تَعَالَى كَمَا ثَبَتَ في «صَحِيحِ مُسلمٍ» وغيره عَنْ أبي مرثد الغنَويِّ أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: «لاَ تَجْلِسُوا عَلَى الْقُبُورِ وَلاَ تُصَلُّوا إِلَيْهَا» ([1])، فلا يَجُوزُ أن يصَلَّى إِلَى شَيءٍ مِنَ القبورِ، لا قبور الأنبياء ولا غيرهم لهَذا الحديثِ الصحيحِ، ولا خلافَ بَيْنَ المُسْلِمِينَ أنَّهُ لا يشرعُ أن يُقْصَدَ الصَّلاَةُ إِلَى القبرِ، بل هَذَا مِنَ البدعِ المحدثَةِ، وكَذَلِكَ قصْدُ شيءٍ مِنَ القبورِ لا سِيَّما قُبور الأنبياءِ والصالحين عِنْدَ الدُّعَاءِ، فإِذَا لَمْ يجزْ قَصدُ استِقْبَاله عِنْدَ الدُّعَاءِ لله تَعَالَى فدُعَاءُ المَيِّتِ نَفْسَه أَولَى أن لا يَجُوزَ، كَمَا أنَّهُ لا يَجُوزُ أن يُصلِّي مستَقْبِلَه فلأَن لاَ يَجُوزَ الصَّلاَةُ لَهُ بطريقِ الأَولى، فعُلِمَ أنَّهُ لا يَجُوزُ أن يُسْألَ المَيِّتُ شيئًا؛ لا يُطْلبُ منه أن يدعو الله لَهُ ولا غير ذَلِكَ، ولا يَجُوزُ أن يشكي إِلَيْهِ شيء من مصائِبِ الدُّنْيَا والدِّينِ، ولو جازَ أن يَشْكِي إِلَيْهِ ذَلِكَ في حَيَاتِه؛ لأنَّ الشَّكْوى إِلَيْهِ في حيَاتِه لا تُفْضِي
([1])أخرجه: مسلم رقم (972).
الصفحة 4 / 471
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد