وعن عبدِ الله بن دينارٍ قالَ: رَأَيْتُ عبدَ
الله بن عُمَرَ يقِفُ عَلَى قبرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فيُصَلِّي عَلَى
النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ويَدْعو لأبي بكَرٍ وعُمَر ([1])، وكَذَلِكَ أنسُ بن مالكٍ وغيرُه نُقِلَ عنهم أنَّهُم
كَانُوا يُسلِّمُون عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فإِذَا أرَادُوا
الدُّعَاءَ استَقْبَلُوا القِبْلَةَ يدْعُونَ اللهَ تَعَالَى، لا يدعون مُستَقْبلي
الحُجْرَةِ، وإن كَانَ قد وَقَع في بَعْضِ ذَلِكَ طَوَائِفُ مِنَ الفقهاءِ
والصُّوفِيَّة والعامَّة من لا اعْتِبَارَ لهم فلَمْ يذهبْ إِلَى ذَلِكَ إمامٌ
متَّبَعٌ في قولِهِ ولا من لَهُ في الأُمَّةِ لسَان صِدْقٍ عام، ومذهب الأئمةِ
الأربعةِ: مالكٍ، وأبي حنيفةَ، والشَّافعيِّ، وأحمدَ وغيرِهم من أئِمَّةِ
الإسْلاَمِ أنَّ الرَّجُلَ إِذَا سَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
وأراد أن يِدْعُوَ لنَفْسِه فإِنَّهُ يستَقْبِلُ القِبْلَةَ.
يعني الشَّيخ:
ويكون دُعَاؤُه في المسجدِ لا عِنْدَ القَبْرِ؛ لأنَّ القبورَ لا يُدْعى عندها؛
كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ الشَّيخُ في عِدَّةِ مواضِعَ مِمَّا سبقَ نَقْلُه، واللهُ
أعلمُ.
قالَ الشَّيخُ:
واختلفُوا في وقْتِ السَّلامِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فقَالَ
الثَّلاثةُ: - مالكٌ والشافعيُّ وأحمدُ - : يستقْبِلُ الحُجْرةَ ويُسَلِّمُ
عَلَيْهِ تلقَاءَ وَجْهِه، وقَالَ أبو حَنيفَة: لا يَستَقْبِلُ الحُجرَةَ وقْتَ
السَّلامِ كَمَا لا يَستَقْبِلُها وقْتَ الدُّعَاءِ باتِّفاقِهم، ثُمَّ في
مَذْهَبِه قولانِ: قِيلَ: يستَدْبِرُ الحُجرَةَ، وقيل: يَجْعَلُها عَنْ يَسَارِه،
فهَذَا نِزَاعُهم في وَقْتِ السّلامِ، وأَمَّا في وَقْتِ الدُّعَاء فلم
يتَنَازَعُوا في أنَّهُ إِنَّمَا يستقبلُ القبلةَ لا الحُجرةَ.
والحكايةُ الَّتِي تذْكَرُ عَنْ مالكٍ أنَّهُ قالَ للمنصُورِ لمَّا سأَلَهُ عَنِ استِقْبَالِ الحُجْرَة فأَمَره بذلك وقَالَ: هُوَ وَسِيلَتُك ووَسِيلَةُ أَبيكَ آدمَ؛ كَذِبٌ عَلَى مالكٍ لَيْسَ لها إِسنادٌ مَعروفٌ، وَهُوَ خِلاَفُ الثَّابتِ المنقولِ عنه بأسَانيد
([1])أخرجه: مالك في «الموطأ» رقم (397).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد