فإنَّ ذَلِكَ
أن يقوموا عَلَيْهِ وَهُوَ قاعدٌ، لَيْسَ هُوَ أن يقوموا لمَجِيئه إِذَا جاءَ،
ولِهَذَا فرَّقُوا بَيْنَ أن يقالَ: قُمتُ إِلَيْهِ، وقُمتُ لَهُ، والقائِمُ
للقادمِ ساواه في القيامِ بخلافِ القائم للقَاعِدِ، وقَدْ ثَبَتَ أنَّ النَّبِيَّ
صلى الله عليه وسلم صلَّى بهم قاعدًا في مرضِهِ ([1]) فلما صلوا قيامًا أمرَهُم بالقُعودِ، وقَالَ: «لاَ تُعظِّمُونِي كَمَا يُعَظِّمُ
الأَعَاجِمُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا» ([2])، وقَدْ نَهَاهُم عَنِ القيامِ في الصَّلاَةِ وَهُوَ
قاعدٌ؛ لِئَلاَ يتشَبَّهُوا بالأعاجمِ الَّذِينَ يقومون لعظَمَائِهم وَهُم قعودٌ.
قالَ: وأَمَّا
الانحناءُ عِنْدَ التَّحيَّةِ فمنهيٌّ عنه؛ كَمَا في التَّرْمِذِيِّ عَنِ
النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّهُم سألُوهُ عَنِ: الرَّجُلُ يَلقَى أخاه
أَيَنْحَني له؟ قال: «لا» ([3])، ولأَنَّ الرُّكُوعَ والسُّجودَ لا يَجُوزُ فعله إلاَّ
للهِ عز وجل وإن كَانَ هَذَا عَلَى وَجْهِ التَّحيَّةِ في غير شَرِيعَتِنا كَمَا
في قِصَّةِ يوسف: {وَخَرُّواْ لَهُۥ سُجَّدٗاۖ وَقَالَ
يَٰٓأَبَتِ هَٰذَا تَأۡوِيلُ رُءۡيَٰيَ مِن قَبۡلُ﴾ [يوسف: 100] ، وفي شريعتِنا لا يصْلُحُ السُّجودُ
إلاَّ للهِ عز وجل بل قد تقَدَّمَ نَهْيُهُ عَنِ القيامِ كَمَا يفعله الأعَاجِمُ
بعضُهم لِبَعْضِ؛ فكَيْفَ بالرُّكُوعِ والسُّجودِ، وكَذَلِكَ ما هُوَ رُكوعٌ ناقِصٌ
يدخلُ في النهيِّ عنه، انتهَى كلاَمُهُ رحمه الله .
***
([1])أخرجه: البخاري رقم (5334)، ومسلم رقم (412).
الصفحة 4 / 471
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد